اعتدنا على سماع اسم “توماس اديسون” و “هارولد أموس” و “محمد علي كلاي” والعديد من أسماء العلماء والمؤثرين الأمريكيين في مواقع التواصل، أو في المقالات الإلكترونية، أو في الندوات العلمية، أو حتى في الصحف وغيرها. حقيقةً كان لجميع الأسماء المذكورة إنجازات خلدها التاريخ الأمريكي؛ والتي بقيت تُذكر إلى وقتنا هذا. اعتادت أمريكا على إنجاب رجالٍ يعجّ العالم بأسمائهم لسنواتٍ عديدة، ولكن ماذا عن النساء أو المرأة الأمريكية؛ أيعقل أنها لم تفعل شيئًا في ظلّ قوة الماضي وتطور الحاضر!؟
المرأة هي ذلك الصنف الذي لطالما ظُلم على مر العصور، فقد اعتاد المجتمع الغربيّ والعربيّ على تجاهل إنجازاتها إلى حدٍّ كبير؛ إلى أن تم حذفها من الثقافة السائدة. وعلى الرخم من الاستخفاف بها؛ إلا أنّ المتاحف والآثار وبعض اللوحات قدّ قدستها، وذكرت أفعالها وإنجازاتها على مرّ العصور. في الواقع منذ بداية الألفية ذاع صيت بعض اسماء النساء الأمريكية مثل “هيلاري كلينتون” و “ميشيل أوباما” وغيرهن. لذلك سيكون موضوع مقالنا عن 9 نساءٍ من التاريخ الأمريكي يجب أنّ تتعرف عليهن.
إميليا كازانوفا دي فيلافيردي إحدى نساء التاريخ الامريكي
إن إميليا كازانوفا ابنهٌ مخلصةٌ لمدينة كوبا، ولكنها عاشت معظم حياتها في نيويورك. عرُفت آن ذاك بصفتها قائدة تسعى لإلغاء عقوبة الإعدام، وناشطةٌ تدعم استقلال كوبا عن إسبانيا خلال النصف الأخير من القرن التاسع عشر. وفي الفترة الممتدة من عامي 1868 إلى 1878؛ خلال فترة حرب السنوات العشر، قامت إميليا بتشكيل أول نادٍ نسائي لجمع الأموال وإعانة كبار السن والأرامل والأيتام الذي تدمرت حياتهم بسبب الحرب القائمة. كما أنها قامت بمخاطبة الكونجرس الأمريكي حول الوضع السيء في كوبا، وطلبت المساعدة من رئيس الولايات شخصيًا لحلّ الوضع المعيشي لهذه المنطقة.
جمعت إميليا في قصرها الواقع في جنوب منطقة برونكس مجموعةً من الذخائر لجيش التحرير، بالإضافة إلى أنها نظمت مجموعةً من الرحلات الاستكشافية السّرية إلى كوبا…حقيقةً إنها امرأة بعشرة رجال!!
لكن لا بد من بعض المنغصات التي حدثت معها في وقتها. فقد تعرضت لهجومٍ كبير من قبل الصحافة حتى تمت إدانتها، كما قامت بعض الصحف بنشر رسومٍ سياسيةٍ ساخرةٍ لها، وأيضًا شّكل الكارهون دميةً على هيئتها وأشعلوا النار فيها في مسقط رأسها “كوبا”. ومع ذلك لم تتوقف هذه المناضلة عن تحركاتها السياسية؛ فقد واصلت في إنشاء الندوات النسائية من أجل قضيتها التي سعت إلى تحقيقها. ولكن مع الأسف انتهت حياة إميليا قبل الحرب الكوبية الأمريكية التي غيرت تاريخ كوبا وبورتوريكو؛ ليعلن الإعلام الأمريكي عن وفاتها عام 1897.
ماري وير دينيت إحدى نساء التاريخ الامريكي
قَرعت ماري وير دينيت كلّ الأبواب فقد كانت أمرأة نشيطةٌ بشكلٍ كبير. حيث أنها بدأت مسيرتها كمنسقةٍ للأدب، وكاتبةً لأكبر عددٍ من المقالات المؤثرة في ذلك الوقت. وفيما بعد قامت بتأسيس أول منظمةٍ لتحديد النسل في الولايات المتحدة، والرابطة الوطنية لتحديد النسل؛ والتي أعيدت تسميتها في بعد إلى “رابطة الأبوة الطوعية”.
علاوةً على ذلك كانت ماري ناشطة تطالب بحق مشاركة المرأة في التصويت، وداعيةٌ مناهضةٌ للحرب والتحرير. كما كانت بالرغم من كلّ ذلك تمتلك حسًّا فنيًا يعبر عن لمستها الأنثوية.
دوروثيا ديكس إحدى نساء التاريخ الامريكي
ولدت صانعة التاريخ دوروثيا ديكس عام 1802. لتصبح بوسطن البيضاء المعروفة دوليًا بنشاطها من أجل إصلاح السجون واللجوء، لتصبح فيما بعد رئيسة ممرضات الاتحاد خلال الحرب الأهلية.
اعتادت ديكس على السفر لأميال طويلة بمفردها، وذلك حتى تقوم بتفتيش السجون ودور الإيواء ودور العجزة. يُقال أن لها شخصيًا قوية لدرجة أنه في يومٍ من الأيام طالبت بالدخول إلى منازل المسؤولين النحليين الذي قال أحدهم “لقد ارتجفت من الخوف عندما رأيتها واقفًا على الرصيف”.
كما أنها قامت ببذل جهودٍ كبيرة في مشاريع عديدة مثل توسع الأرض والمال لكلّ ولاية، والاهتمام بإنشاء وتحسين المصحات العقلية والنفسية.
كلوديا جونز إحدى نساء التاريخ الامريكي
أثبتت كلوديا جونز نفسها كواحدةٍ من أكبر المثقفين والراديكاليين والنسوية السّود نفوذًا في القرن العشرين. ولدت هذه المرأة في منطقة ترينيداد عام 1915؛ حتر هاجرت إلى هارم خلال عشرينات القرن الماضي. لتصبح في ذلك الوقت عضوة نشطة في الحزب الشيوعي، وكاتبًا وصحفيةً موهوبة. علاوةً على أنها عملت على توسيع النظرية الماركسية؛ من خلال تركيزها على مواضيع النساء، والجنس، والعرق.
نُشرت مقالة في عام 1949 لجونز بعنوان “نهاية لإهمال ومشاكل المرأة الزنجية”، والتي ضربت فيها ضربتها القوية بالتحدث عن العرق الأسود والاضطهاد الذي يتعرض له في تلك الأيام.
لورا كورنيليوس كيلوج إحدى نساء التاريخ الأمريكي
كانت لورا كورنيليوس كيلوج ناشطةً، ومؤلفةً، وخطيبةً، ومُصلحةً سياسية في مسقط رأسها محمية أوليندا الواقعة في ولاية ويسكونسن الأمريكية. انطلقت في بداية شبابها كطالبة قانون في كلية بارنارد، من ثم انتقلت لدراسة الأعمال الخيرية في جامعة نيويورك، ومن ثم إلى جامعتي ستانفورد ويسكونسن، ومع ذلك لم تحضى على علاماتٍ من كلّ هذه الجامعات. ولكنها أصبحت طليقةً في الإنجليزية بالرغم من أنها تتحدث لغة أونيدا والموهوك، لتصبح فيما بعد إحدى الأعضاء المؤسسين لجمعية الهنود في أمريكا عام 1911.
نشرت العديد والعديد من القصص القصيرة، والمسرحيات، والأبيات الشعرية، ومقالات سياسية. ولكن لم يحتفظ التاريخ بأي منها سوى واحدةٍ وهي قصيدة “تحية لمستقبل عرقي”. أمّا بالنسبة لتاريخ وفاتها فقد قُدر أنها توفت عام 1949، ولكن هذا العام غير دقيق نظرًا لجهل التاريخ محل وتاريخ وفاتها الصحيح.
ماري تيب إحدى نساء التاريخ الأمريكي
في الواقع إن ماري تيب هي امرأة صينية، ولكن قدّ يجهلها التاريخ الصيني نظرًا لأنها هاجرت إلى الولايات المتحدة الامريكية عام 1868 وهي تبلغ 11 عامًا.
عاشت في بداياتها كفتاٌ مسكينةٌ مشردةٌ في شوارع سان فرانسيسكو؛ لتعمل كخادمةٍ في بيوتٍ غير شرعية. وبعد اضطهادها قررت أنّ تهرب وتلجأ إلى جمعية إغاثة السيدات، وتتخذه مكانًا للعيش باسم “ماري ماكجلادري”. في أحد الأيام التقت الفتاة بمهاجرٍ صينيّ شاب اسمه “جوزيف تيب” الذي كان حينها يقود عربة حليب، وقعا الشابين في الحب وقررا أن يتزوجان وتبدأ حياتهما بتأسيس الزوج مشروعه الخاص في النقل والهجرة.
ولكن النظرة العنصرية في أمريكا آنذاك منعت ابنتهما “مامي” بالإلتحاق للمدرسة وتلقي التعليم؛ كونها صينية الجنسية. ولكن والدتها ماري لم تقف مكتوفة الأيدي وقامت برفع دعوة على مدير المدرسة ومجلس التعليم في سان فرانسيسكو، لتنتهي القضية بخسارة ماري أمام السكان الأصليين. ولكنها لم تتوقف؛ بلّ قامت بكتابة رسالةٍ عاطفيةٍ للمسؤولين تطالب فيها سماح التعليم للطلاب الصينيين في المدارس العامة. وهنا تمّ الموافقة على طلبها من قبل المحكمة وبناء مدرسةٍ ابتدائية للصينيين، فقد تُرخ هذا الحدث وأصبح قانونًا بعنوان “منفصل لكن متساوٍ” وطبق عام 1896.
مامي تيل برادلي من إحدى نساء تاريخ أمريكا
كانت مامي تيل برادلي امرأة أقل من عادية؛ حتى وقعت قضية ولدها المراهق الذي جعلها تدخل التاريخ الأمريكي. تزوجت مامي وهي تبلغ 18 عامًا من رجلٍ قدّ أحبته وأقدم إلى خطبتها وزواجها مباشرةً، وبعد 9 أشهر من زواجها وُلد طفلها الأول “إيميت” الذي أصابه شلل أطفالٍ في سن الخامسة؛ مما أدى إلى خَلق صعوبة في النطق وتلعثم في الكلام لديه. بعد سنواتٍ انفصل الزوجان، واخذت الزوجة ابنها وانتقلا للعيش في منطقة ساوث سايد في شيكاغو. وفي عام 1955 قررت مامي أخذ إجازةٍ إلى نبراسكا لزيارة أقاربها والترويح عن نفسها، أمّا ابنها ذو ال14 عامًا فقد صمم على الانضمام إلى أبناء عمومته وقضاء نهاية الصيف في ولاية ميسيسيبي؛ لتقتنع الأم وتوصله إلى محطة القطار التي كانت هذه آخر مرة تراه فيها..
بعد عودة الأم من رحلتها انفجعت برؤية ابنها جثةً هامدةً في المنزل؛ لتعلو وتزيد صرخاتها في الحيّ. لتصبح لديها ردّة فعلٍ قوية وتجعل جنازة ابنها مفتوحة؛ أي يمكن للجميع زيارة العزاء ورؤية الميت وهو في التابوت. فقد قالت “أعتقد أن الجميع بحاجةٍ إلى معرفة ما حدث لإيميت تيل”، فقد تدفق حوالي 50 ألف شخصٍ إلى رؤوية الجثة في شيكاغو، وانهيار العديد بالبكاء والإغماء أثر رائحة الجثة المشوهة.
رفعت مامي قضيةً تطالب فيها من السياسيين تعويض جسد أبنها؛ حتى أنهم قاموا بالعديد من الحركات لتغطية الجريمة ودفن الجثة، ولكن عبثًا يصنعون معها فقد أصرت على فضح المكشوف. بهذه الحركة أشعلت حركة الحقوق المدنية، وأنشغل الرأي العام وأصبحت آنذاك قضية أوروبا.
ماغي لينا ووكر إحدى نساء تاريخ أمريكا
لعبت ماغي لينا ووكر دورًا مهمًا في جعل مدينة ريتشموند مهد الرأسمالية السوداء في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين. حيث أنها اشتهرت بأنها أول امرأة من ذوي البشرة السوداء تتولى منصب رئيس بنك في الولايات المتحدة الأمريكية.
حيث أنها قامت بتنظيم وقيادة بنك التوفير “سانت لوك بيني” منذ تأسيسه عام 1903؛ وحتى وفاتها عام 1934. كان هذا البنك جزءًا من جمعية سانت لوك المستقلة؛ وهي جمعيةٌ سريّة تأسست لتقديم الخدمات المالية إلى 100 ألف عضو موزعين على أكثر من 20 ولاية. في عام 2017 كرست ريتشموند تمثالًا تِذْكَارِيًّا ل ووكر في شارع برود، لتظل ذكرها المناضلة مخلدةً من أجل الحقوق الاقتصادية والسياسية للسود، ومن أجل النساء السود خصيصًا.
جين كوك رايت إحدى نساء تاريخ أمريكا
طبيبةٌ وباحثةٌ هذا ما عُرفت به جين كوك رايت ابنة وحفيدة الأطباء الأمريكيين من أصلٍ أفريقيّ، والتي كان لها دورًا مميزًا في اكتشاف العلاج الكيميائي للسرطان. في عام 1964 كانت جين المرأة الوحيدة من بين سبعة أطباء الذين ساعدوا على تأسيس الجمعية الأمريكية لعلم الأورام السريري. كما تم تعيينها فيما بعد عميدةً مشاركةً ورئيسةً لقسم العلاج الكيميائي للسرطان في كلية نيويورك الطبية عام 1967. أمّا عن عام 1971 فقد كانت أول امرأة منتخبة رئيسة لجمعية نيويورك للسرطان. حقيقة لقد أخذت لقب أعلى طبيب أمريكي من أصولٍ أفريقية يؤذ مكانةً عالية في أكبر جامعات أمريكا.
تم تعيينها من قِبل الرئيس “ليندون جونسون” للعمل في المجلس الاستشاري الوطني للسرطان، ورئيسة لجنة أمراض القلب من الفترة الممتدة من عام 1966 وحتى عام 1970. خسر التاريخ الأمريكي هذه المرأة في عام 2013.