آخر تحديث في 28 فبراير, 2021
مارتن لوثر كينغ الابن، قسٌّ معمداني وناشط اجتماعي قاد حركة الحقوق المدنية في الولايات المتحدة من منتصف الخمسينيات حتى وفاته عام 1968، كانت قيادته أساسية لنجاح تلك الحركة في إنهاء الفصل القانوني للأمريكيين الأفارقة في الجنوب وأجزاء أخرى من الولايات المتحدة، صعد مارتن لوثر إلى الصدارة الوطنية كرئيس لمؤتمر القيادة المسيحية الجنوبية الذي روّج للحركة اللاعنفية واستخدام الوسائل السلمية لإنهاء الفصل العنصري، كما قاد المسيرة الضخمة في واشنطن عام 1963 لتحقيق الحقوق المدنية، وألقى فيها خطاب “لديّ حُلم” الذي بات يعد من أشهر الخطابات في التاريخ الأمريكي، حصل على جائزة نوبل للسلام عام 1964.
مؤتمر القيادة المسيحية الجنوبية:
في عام 1956 بعد أن نجحت حركة مقاطعة الحافلات في الحصول على حُكمِ المحكمة بإنهاء الفصل العنصري في حافلات الركاب، أدرك مارتن لوثر وقادة الحقوق المدنية من أصل أفريقي حاجتهم إلى منظّمة وطنية للمساعدة في تنسيق جهودهم، قام مارتن لوثر ورالف أبرناثي و 60 قسّاً وناشطًا في مجال الحقوق المدنية بتأسيس مؤتمر القيادة المسيحية الجنوبية لتسخيرِ السلطة الأخلاقية والقوة التنظيمية للكنائس السوداء، وإجراء احتجاجات غير عنيفة لتعزيز إصلاح الحقوق المدنية، منحت مشاركة مارتن لوثر في المنظمة قاعدةِ عمليات في جميع أنحاء الجنوب، ورأت المنظمة أن أفضل عمل تبدأ به هو السعي لمنح الأميركيين الأفارقة حق الاقتراع في عملية التصويت.
التقى مارتن لوثر بقادة الدين والحقوق المدنية وألقى محاضرات في جميع أنحاء البلاد حول القضايا المتعلقة بالعرق. في عام 1959 وبمساعدة لجنة خدمة الأصدقاء الأمريكية وإلهامٍ من نجاح المهاتما غاندي في النشاط اللاعنفي، زار مارتن لوثر مسقط رأس غاندي في الهند، أثرت الرحلة عليه بشكل عميق، مما زاد من التزامه بنضال اللاعنف من أجل الحقوق المدنية.
اعتصام جرينسبورو:
في فبراير 1960 قامت مجموعة من الطلاب الأمريكيين من أصل أفريقي في ولاية كارولينا الشمالية بما بات يُعرف باسم حركة اعتصام جرينسبورو، حيث رفضوا الجلوس في مقاعد قسم الملونين، وعرّضوا أنفسهم للإساءة اللفظية والجسدية في بعض الأحيان، اكتسبت الحركة زخمًا سريعًا في عدّة مدن أخرى، في أبريل 1960 في اجتماع نظّمه مؤتمر القيادة المسيحية الجنوبية شجع مارتن لوثر الطلاب على الاستمرار في استخدام الأساليب اللاعنفية أثناء احتجاجاتهم، كما شكلوا لجنة التنسيق الطلابية اللاعنفية التي عملت بشكل وثيق لفترة من الوقت مع مؤتمر القيادة المسيحية الجنوبية، بحلول أغسطس من عام 1960 نجحت الاعتصامات في إنهاء الفصل العنصري في مقاصِف الغداء في 27 مدينة جنوبية.
أصبح نجم مارتن لوثر يكتسب شهرة وطنية، وفي 19 أكتوبر 1960، دخل ومعه 75 طالبًا متجرًا محليًا وطلبوا الغداء ولكن تم رفضهم، عندها أصرّوا على البقاء، فتم اعتقال مارتن لوثر و 36 آخرين، وبسبب أن الحادث قد يضرُّ بسمعة المدينة، تفاوض عمدة أتلانتا على هُدنة وأسقط التُهَم عنهم، ولكن بعد فترة وجيزة، سُجن لوثر بإدانة مرورية، دخلت أخبار سجنه الحملة الانتخابية الرئاسية لعام 1960، أجرى المرشح جون كينيدي مكالمة هاتفية مع كوريتا سكوت، أعرب كينيدي عن قلقه من معاملة مارتن لوثر القاسية في السجن لأجل مخالفة المرور، وسرعان ما بدأ الضغط السياسي لإطلاق سراحه.
سجن مارتن لوثر في برمنغهام:
في ربيع عام 1963، نظّم مارتن لوثر مظاهرة في وسط مدينة برمنغهام بألاباما وبحضور عائلات بأكملها، وجهت شرطة المدينة الكلاب وخراطيم الحريق إلى المتظاهرين،
تم سجنه مع أعداد كبيرة من أنصاره، لكن الحدث لفت الانتباه على صعيد أمريكا، ومع ذلك، فقد تم انتقاده من قبل رجال الدين السود والبيض بسبب المخاطرة وتعريض الأطفال والأُسر الذين حضروا المظاهرة للخطر، في رسالته الشهيرة من سجن برمنغهام، أوضح كينج ببلاغة نظريته عن اللاعنف فكتب: “يسعى العمل اللاعنفي المباشر إلى خلق مثل هذه الأزمة وتعزيز مثل هذا التوتر الذي يضطر المجتمع الذي يرفض التفاوض باستمرار، إلى مواجهة القضية”.
اقراء أيضاً: كيفية التحضير لامتحان الجنسية الأمريكية في عام 2021
خطاب “لدي حلم”:
في 28 أغسطس 1963 نظم مارتن لوثر وأنصاره مظاهرة حاشدة في العاصمة واشنطن، تألّفت المسيرة التاريخية من عدّة منظمات واجتذبت أكثر من 200000 شخص عند نصب لنكولن التذكاري، ألقى لوثر خطابه الشهير “لدي حلم” مؤكدًا إيمانه بأن كل الناس يمكن أن يكونوا أخوة، إذ قال:”لدي حلم أن أطفالي الأربعة سيعيشون ذات يوم في أمة لن يتم الحكم عليهم فيها من خلال لون بشرتهم بل بمحتوى شخصيتهم”.
أدى المد المتصاعد لحركة الحقوق المدنية إلى تأثير قوي على الرأي العام، إذ بدأ العديد من الأشخاص في المدن التي لا تعاني من التوتر العنصري في التشكيك في قوانين جيم كرو الخاصة بالأمّة والمعاملة من الدرجة الثانية للمواطنين الأمريكيين من أصل أفريقي، وفي النهاية نتج عن ذلك الحراك إصدار قانون الحقوق المدنية لعام 1964، الذي يصرح للحكومة الفيدرالية بفرض إلغاء الفصل العنصري في الأماكن العامة وتحريم التمييز في المرافق المملوكة ملكية عامة، وإلى حصول مارتن لوثر على جائزة نوبل للسلام عام 1964.
استمر كفاح لوثر طوال الستينيات ووسّع نضاله إلى مدن أكبر مثل شيكاغو ولوس آنجلوس، واجه تحديات وانتقادات كثيرة من قادة الشباب السود، فنهجهُ الصبور واللاعنفي وجاذبيته لمواطني الطبقة الوسطى البيض أدّت إلى نفور العديد من المقاتلين السود الذين اعتبروا أن أساليبه ضعيفة وغير فعّالة.
اغتيال مارتن لوثر كينغ:
تم اغتيال مارتن لوثر في 4 أبريل عام 1968 ،إذ كان يقِفُ في شرفةٍ خارج غرفته في فندق لورين موتيل، فأرداه قنّاص قتيلًا بالرصاص، تم القبض على مطلق النار، وهو مدان سابق يدعى “جيمس إيرل راي” بعد مطاردة دولية استمرت شهرين. أثار اغتيالهُ أعمال شغبٍ ومظاهراتٍ في أكثر من 100 مدينة في جميع أنحاء البلاد، على جيمس بالسجن 99 عامًا، توفي في السجن في 23 أبريل 1998. كان لحياةِ مارتن لوثر كينغ تأثير زلزالي على العلاقات العرقية في الولايات المتحدة، بعد سنوات من وفاته أصبح الزعيم الأمريكي الأفريقي الأكثر شُهرةً في عصره، تم تكريم حياته وعمله بعطلة وطنية في الإثنين الثالث من شهر يناير كُل عام، سُمّيت المدارس والمباني العامة باسمه وشُيدَ له نصب تذكاري في إندبندانس مول في واشنطن العاصمة.
اقراء أيضاً: مميزات وعيوب الهجرة الى امريكا بالنسبة للمهاجر واللاجئ