مال وأعمال

خصائص وتحديات الزراعة في أمريكا

الزراعة في أمريكا

تعتبر الزراعة في أمريكا من النشاطات المهمة جدًا في تنمية اقتصاد البلاد، الشيء الذي خلق منها قوة زراعية هائلة، فقد مكنت إنتاجيتها السنوية الضخمة من تلبية الاحتياجات الغذائية العالمية والمحلية، وتمكنت من الحصول على اكتفاء ذاتي للشعب الأمريكي. 

لذلك كان من المهم تطوير هذا القطاع الزراعي من أجل استمرارية كفاءته العالية، والحفاظ على مستواه العالي، ويكمن ذلك في خلق توازن بين قطاعاته المتنوعة وبين التحديات التي يواجهها.

لذلك سنذكر في مقالنا هذا مجموعة من الخصائص التي يتمتع بها النشاط الزراعي في أمريكا، وبعض التحديات التي تواجهه.

خصائص الزراعة في أمريكا 

خصائص الزراعة في أمريكا

الأراضي الزراعية الأمريكية 

تعد الولايات المتحدة الأمريكية من الدول ذات المساحات الكبيرة مقارنة بعدد سكانها، حيث يُستخدم حوالي خُمس مساحتها من أجل الزراعة، كما أن 40% من الأراضي خصصت لرعي الماشية، وإنتاج الغذاء، وتشكل السهول الكبرى والوسطى الجزء الأكبر من هذه المساحات الشاسعة.

المناخ

توجد وفرة في الأراضي الزراعية في أمريكا، ولكن رغم ذلك؛ فهي لا تُستخدم كلها، وذلك نظرًا للظروف المناخية التي تحد من الإمكانات الزراعية، حيث تجد موجات الحر الشديدة في فصل الصيف مع عواصف رعدية. أما في فصل الشتاء؛ فتنخفض درجات الحرارة بشكل حاد، مما يؤدي إلى تدمير المحاصيل أو قتل الماشية بواسطة العواصف الثلجية. كما تجد بعض المناطق تعاني من التعرية وتآكل طبيعي للتربة، مما يهدد المناطق المزروعة.

وبالرغم من هذه المعيقات الطبيعية؛ إلا أن السهول الكبرى تتمتع بمناخ قاري، الشيء الذي يسمح بنشاط زراعي متنوع، حيث نجد الجو الرطب في النصف الشرقي، والجو الجاف في النصف الغربي.

والتربة كذلك متنوعة، فتجد تربة الغابات البنية، وتربة البراري السوداء الغنية بالدبال، والأراضي الرطبة في وادي المسيسيبي.

المزارع الأمريكية 

عرفت الولايات المتحدة انخفاضًا حادًّا في عدد الأشخاص العاملين في الزراعة في أمريكا، حيث كان نصف الأمريكيين يعملون في الزراعة سنة 1870، وفي سنة 1935؛ بلغ عدد المزارع 7 ملايين، ثم أصبحت 4 شركات هي المسيطرة على 80% من سوق الولايات المتحدة، فيما اعتبر ما يقرب عن 91% من المزارع الأمريكية صغيرة، حيث تمثل 52% منها الأرض، و26 % الإنتاج.

وفي سنة 2002 بلغ عدد المزارع الكبيرة نحو 9% من المزارع فقط، لكنها حصدت 51% من إجمالي الإيرادات الزراعية. وفي سنة 2019؛ أصبح عدد المزارع 2.02 مليون مزرعة، وأغلبها تتم إدارتها من طرف العائلات بنسبة بلغت أكثر  من 98%، ويمثل 2.5% من النسبة السابقة المزارع العائلية الكبيرة، لكنها تشكل 50% من الإنتاج الأمريكي ( تنتج أكثر من ثلثي إنتاج الألبان وأكثر من نصف إنتاج الفاكهة والخضروات). 

والانخفاض الذي عرفته هذه المزارع  على مدى السنوات الماضية شهد انتكاسًا مع بداية فيروس كورونا في مارس سنة 2020، حيث بلغت نسب الإفلاس من طرف المزارعين نحو 23%، وإلى غاية يونيو من نفس السنة تقدم 580 مزارعًا أمريكيًّا بطلب الحماية بموجب القانون الأمريكي للإفلاس.

السوق الزراعي في أمريكا

لطالما كان السوق الزراعي الأمريكي قادرًا على تلبية جميع احتياجات السوق المحلية والعالمية على السواء.

بالنسبة للصادرات والواردات؛ عرف النشاط الزراعي ارتفاعا مهمًّا سنة 1998، حيث بلغ إجمالي الصادرات الزراعية 60.5 مليار دولار، في حين بلغ إجمالي الواردات 48.9 مليار دولار .

وفي سنة 2002، قدمت الولايات المتحدة خمسي قيمة الإنتاج الزراعي العالمي، فهي تعتبر أول دولة مصدرة للمنتجات الزراعية، حيث أنتجت حوالي 50% من فول الصويا، 40% من الذرة، 30% من الحمضيات، و 20% من القطن. وتتربع الحبوب في صدارة  هذه المنتجات من حيث وفرتها الشديدة حتى نتج عنها فائض كبير. 

وفي عام 2018 فقط، تم تصدير أزيد من 139 مليار دولار من المنتجات الزراعية الأمريكية إلى جميع أنحاء العالم، الأمر الذي دل على تطور ملحوظ ونجاح باهر في الزراعة في أمريكا، وبالرغم من التحديات التي واجهتها الولايات المتحدة في سنة 2020، إلا أنها حافظت على مستوى جيد في التصديرات، حيث بلغ إجمالي ما صُدِّر نحو 135 مليار دولار من المنتجات الزراعية الأمريكية.

التكنولوجيا الزراعية في أمريكا 

ساهمت التكنولوجيا الحديثة في تطور الزراعة في أمريكا، كما خلقت نموًّا سريعًا ومستمرًّا في ذات الوقت في الإنتاج الزراعي، حيث إنه في غضون 40 سنة فقط ازداد الإنتاج إلى أكثر من 70%.

وعلى مدى العقدين الماضيين؛ اُعتُمد بشكل كبير على التقنيات الحديثة، مثل:

  • الآلات الزراعية المتطورة، حيث إن الولايات المتحدة الأمريكية تمتلك نصف جرارات العالم، مما يجعل الإنتاج يصل إلى مستوى عالي.
  • الطيران الزراعي الذي يوفر العلاجات للمزروعات.
  • استعمال الأسمدة والمخصّبات الزراعية.
  • اعتماد الزراعة العلمية المرتكزة على البحوث العلمية من أجل زيادة الإنتاج الزراعي، ومحاولة تطوير بعض الأصناف لكي تتمكن من التكيف مع الظروف المناخية الصعبة.
  • استعمال التكنولوجيا الحيوية، والتي تعتمد أساسًا على هندسة المنتجات الزراعية وراثيًّا.
  • تطوير أساليب الري.

تحديات الزراعة في أمريكا

الزراعة في أمريكا

يعد النمو المرتفع الذي تعرفه الزراعة في أمريكا أمرًا رائعًا، إلا أنه يعني ظهور  مجموعة من التحديات من شأنها خلق مشاكل هي في غنى عنها، ومن أبرز هذه التحديات:

  • التدهور الكبير والمستمر لمزارع العائلات الصغيرة.
  • الزراعة في أمريكا أصبحت سوقًا رأسمالية كبيرة، فبالرغم من وفرة الأراضي الزراعية ووجود حوالي مليوني مزارع، إلا أن المزارع التي تساهم في الإنتاج، ولها دور رئيسي فيها تقدر حوالي 2 من أصل 5 مزارع تجارية، وأكثر هذه المزارع مهمشة اقتصاديًّا؛ فتصل نسبتها إلى ثلثي المزارع الكلية، خاصة المزارع الصغيرة والمزارع التي يكون عملها الأساسي قائمًا على الأنشطة الترفيهية. ومع اختفاء عدد كبير من المزارع العائلية الصغيرة التي لم تستطع مقاومة التحولات الرأسمالية؛ أصبحت المزارع المساهمة في إنتاجية الدولة عبارة عن شركات رأسمالية كبيرة، حيث تستطيع توفير متطلبات رأس المال الهائلة الشيء الذي يؤدي إلى كثافة في الإنتاج الزراعي.
  • تشير الإحصائيات إلى أن المزارعين أغلبهم متقدمون في العمر، حيث يبلغ متوسط ​​عمر المزارع الأمريكي 58 سنة، بزيادة سنة ونصف خلال نصف عقد. وفي ذات الوقت، يبلغ متوسط ​​عمر المزارع العضوي 52 سنة.
  • يحقق 2 من أصل 5 مزارعين فقط أرباحًا كل سنة، وأكثر من نصف المزارع الأمريكية تقل مبيعاتها السنوية عن 10000 دولار، مما يجبر معظمهم إلى العمل في وظائف أخرى خارجية من أجل تغطية النفقات.
  • استعمال المبيدات الكيماوية للقضاء على الأمراض التي تصيب المحاصيل الزراعية والرفع من قدرة الأرض الإنتاجية، مما أدى إلى ارتفاع غير طبيعي في المردود، وكذا نمو هائل في الإنتاج، ومع زيادة المنافسة الخارجية وانخفاض الطلب؛ أصبحت الزراعة في أمريكا تعاني من فائض كبير  في الإنتاجية، أجبر الولايات المتحدة الأمريكية للبحث عن أسواق خارجية أخرى لتصريف هذا الفائض.
  • إنهاك التربة واستنزافها بشكل رهيب بسبب الاستغلال المفرط لها دون حذر، حيث ضعفت المساحات الزراعية واستنفدت التربة خصائصها الطبيعية.
  • الاستعمال غير العقلاني للرصيد المائي.

المنتجات الزراعية الأمريكية 

تمثل الولايات المتحدة الأمريكية ثالث أكبر مورد للمواد الغذائية في العالم، حيث تهيمن الذرة والقمح على إنتاج الحبوب الأمريكية.

ومن المحاصيل الرئيسية نجد:

  • الذرة:

تعد أمريكا رائدة في إنتاج الذرة، حيث تأتي نصف الذرة في العالم من مزارعها، وولايتي آيوا وإلينوي تعتبر من أكبر الولايات الأمريكية المختصة في إنتاجها. 

  • فول السوداني 

يعتبر الفول السوداني من أكثر المواد الغذائية إنتاجًا، حيث إنه كل سنة، ينتج مزارعو الفول السوداني في الولايات المتحدة 3 ملايين طن منها، ويأتي ما يقرب من نصف الفول السوداني في أمريكا من ولاية جورجيا.

  • القطن

ويأتي القطن كذلك ضمن المواد الأكثر إنتاجًا، حيث يزرع في 17 ولاية، خاصة ولاية أريزونا.

  • التوت البري

بالنسبة للتوت البري، توفر الولايات المتحدة الأمريكية 75% من إنتاجيته العالمية. يُزرع معظمها في ولاية ويسكونسن، وكذلك في ماساتشوستس، نيوجيرسي، أوريجون، وواشنطن. 

كما تشمل المحاصيل الرئيسية الأخرى: القمح، قصب السكر، الطماطم، البطاطس، البرتقال، القنب، والعديد.

شهدت الزراعة في أمريكا تطورًا ملحوظًا أسهم في وفرة المنتجات الغذائية وحصولها على فائض إنتاجي عالي، مكنها من اكتساب قوة كبيرة أمام منافسيها، وجعَلها في طليعة العالم. وللمحافظة على هذه الدينامية المستمرة في الإنتاج كان لزامًا تضافر كل الجهود وتكاتف الخبرات مع بعضهم البعض.

شارك المقال مع أصدقائك!