تمتلك الولايات المتحدة الأمريكية قوة عسكرية ضخمة؛ تعد الأقوى في العالم، فتجد جميع أنواع الطائرات الحربية فائقة السرعة، وكذا الدبابات الحربية المدمرة، منصات إطلاق الصواريخ، والمركبات المسلحة والسيارات ذاتية الدفع. أما بالنسبة للجانب البحري، فتجد معدات متطورة مثل الغواصات، السفن والالغام الحربية، وحاملات الطائرات والمروحيات. كما تمتلك قدرات نووية هائلة؛ جعلتها دائمة منتصرة في أغلب معاركها. لذلك سنتحدث في هذا المقال عن 5 من أشهر الحروب الأمريكية والتي انتصرت فيها.
1- الحرب المكسيكية الأمريكية
بدأت الحرب بين المكسيك وأمريكا، عندما حصلت تكساس على استقلالها عن المكسيك سنة 1836، وكوّنت بذلك جمهورية اسمها (جمهورية تكساس).
في سنة 1844؛ اُنتخب جيمس بوك رئيسًا للولايات المتحدة الأمريكية، وكان قراره حينئذ ضم تكساس لأمريكا، وفي سنة 1845 تم الأمر بالفعل، لكن المكسيك كانت رافضة رفضًا قاطعًا؛ لكونها ما زالت تعتبر تكساس قطعة منتمية لها، فحذّرت من نُشوب حرب بسبب هذا القرار.
توازيًا مع ضم تكساس؛ كانت للرئيس بوك رغبة في أخذ أقاليم مثل كاليفورنيا، نيومكسيكو، وأقاليم أخرى، فعرض شرائهم على المكسيك؛ لكن تم رفْض قراره. فقام بعدها بإرسال قوة عسكرية إلى منطقة متنازع عليها توجد بين نهر ريو غراندي ونيوسيس، أسفر عن هذا القرار معارك محتدمة مع القوات المكسيكية. وفي 13 مايو 1846، أعلن الكونغرس الحرب على المكسيك رغم معارضة بعض المشرٍّعين الشماليين، ثم بدأت الحرب بين أمريكا والمكسيك.
تقدمت القوات الأمريكية تشن هجومها العنيف، وتمكنت بذلك من احتلال العديد من الأراضي الشمالية الشرقية المكسيكية بسلاسة رغم مقاومة الجيش المكسيكي، إلا أن النزاعات الداخلية للبلد أضعفته، وجعلته غنيمة سهلة للقوات الأمريكية.
في سبتمبر 1847، تم احتلال مكسيكو سيتي من طرف الجيش الأمريكي، واستمرت الصراعات مشتعلة بين الطرفين؛ مع تردد بعض الهجمات من طرف العصابات المكسيكية على القوات الأمريكية، حتى انتهت الحرب في الثاني من فبراير سنة 1848، حيث تقرر توقيع معاهده أُطلق عليها اسم غوادالوبي هيدالغو، وكان مضمونها هو جعل نهر ريو غراندي كحدٍّ بين الولايات المتحدة الأمريكية والمكسيك، وكذا اعتراف كامل من طرف المكسيك بضم تكساس لأمريكا، وبيع المناطق التي ذكرها الرئيس جيمس آنفًا؛ مقابل 15 مليون دولار.
تعتبر هذه الحرب ضمن الحروب الأمريكية التي انتصرت فيها انتصارًا ساحقًا، حيث ربحت أراضي جديدة متمثلة في: تكساس، كاليفورنيا، ونيو مكسيكو، ومع ذلك تم خسارة 1733 أمريكيا و16 ألف جندي قتلوا خلال المعركة.
2- الحرب الإسبانية الأمريكية
نشبت الحرب بين الولايات المتحدة الأمريكية وإسبانيا بسبب رغبة الأقاليم الكوبية للاستقلال من الاستعمار الإسباني؛ الذي بدأ في فبراير 1895، وعندما تداولت الصحف الأمريكية ما يحدث في المستعمرات الكوبية؛ أصبح لدى الشعب الأمريكي رغبة في نُصرتهم. لكن رغبة أمريكا كانت في اتجاهٍ آخر، فلطالما كان حلم التوسع هاجسًا تطمح له، وطَمَع الحصول على مواقع خاضعة للاستعمار الإسباني هو مبتغاها الأساس، خاصة منطقة البحر الكاريبي. وكانت واقعة غرق السفينة البحرية في ميناء مدينة هافانا سببًا فعالًا لمساندة المتمردين الكوبيين، ومواجهة القوات الإسبانية.
حاولت إسبانيا إقامة محادثات سلمية مع كوبا لمنحها الطلبات التي تريدها، لكن ذلك لم يَسِر كما خَطَّطت له. إذ أعلن الكونجرس الأمريكي عن حق كوبا في الاستقلال، وطالب إسبانيا بسحب كامل قواتها من المنطقة؛ مع إمكانية استعمال القوة عند أي معارضة من طرف إسبانيا، الأمر الذي استفز إسبانيا بشكل كبير، فأعلنت الحرب على أمريكا في 24 أبريل سنة 1898.
استجابت القوات الأمريكية لنداء الحرب، وبدأت بإنزال قواتها في خليج مانيلا في الفلبين، وهو الخليج الذي كان مستعمرًا من طرف إسبانيا، ولم تستغرق الولايات المتحدة وقتًا طويلًا حتى احتلته في أغسطس من نفس السنة، وقبلها بشهر استسلمت سانتياغو للقوات الأمريكية بعد حرب طاحنة في يوليو.
وانتهت الحرب بتوقيع معاهدة باريس في 10 ديسمبر 1898، حيث كان على إسبانيا التخلي عن كوبا ومناطق أخرى للولايات المتحدة الأمريكية، وأيضًا جَعْل الفلبين مستعمَرة أمريكية مقابل 20 مليون دولار.
تعد الحرب الأمريكية الإسبانية من أعظم الحروب الأمريكية التي انتصرت فيها، حيث كانت نقطة تحول كبيرة للبلاد جعلتها دولة عالمية ذات قوة لا يستهان بها.
3- الحرب الفلبينية الأمريكية
بعد انتهاء الحرب الإسبانية الأمريكية وحصول الولايات المتحدة الأمريكية على أحقية استعمار الفلبين، ظهرت بوادر حرب جديدة بسبب رفض الثوار الفلبيين هذا القرار، حيث استمروا في محاربة المستعمر الأمريكي بقيادة ايميليو أجوينالدو الذي استعان بالجيش المحلي الفلبيني.
وفي الرابع من فبراير سنة 1899، بدأت الحرب الفعلية بين الولايات المتحدة والفلبين ضمن معركة عنيفة. واستمرت الاشتباكات والصراعات بين سيطرةٍ للقوات الفلبينية على مناطقِ أجزاء الأرخبيل الفلبيني، وبين هزيمةٍ ساحقةٍ في مناطق أخرى كخليج مانيلا؛ الذي ظل خاضعا للقوات الأمريكية.
وبعد سلسلة دامية من المعارك، انتهت الحرب في الثاني من يوليو سنة 1902، حيث قتل فيها أزيد من 15 ألف جندي، وأكثر من 150 ألف مدني فلبيني، مما نتج عنه انتصارًا أمريكيًا ساحقًا.
4- الحرب العالمية الأولى
بدأت الحرب العالمية الأولى سنة 1914، وسارعت الأطراف المتحاربة من دول الحلفاء؛ المتكونة من فرنسا، بريطانيا، روسيا، وإيطاليا، وكذا دول المركز؛ المتكونة من ألمانيا، النمسا، بلغاريا، والدولة العثمانية إلى شن هجمات قوية على بعضهم البعض. في ذلك الوقت ظلت الولايات المتحدة الأمريكية في موضع هامشي، وتبنى الرئيس ويلسون سياسة الحياد.
لكن مع استمرار عدوان الغواصات الألمانية على السفن التجارية، وكذا سفن الركاب، وتسببهم في غرق إحدى السفن التي تحمل ركابًا أمريكيين، قلب الأمر رأي أمريكا في الحياد إلى الانضمام للحرب، وهو ما حدث فعلًا؛ إذ أقر الكونغرس الأمريكي بجاهزية أمريكا للصراع، وأعلن رسميًا الحرب ضد ألمانيا في 6 أبريل 1917.
لقد ساهمت الولايات المتحدة الأمريكية في الحرب العالمية الأولى بالعديد من معداتها وآلياتها العسكرية المتطورة، والكثير من الغواصات، وآلافٍ من الجنود المدربين، حيث قادت عمليات قتالية كبيرة؛ ساعدت دول الحلفاء على الانتصار وإنهاء الصراع لصالحهم. فتَدَخُّلها في هذه الحرب؛ جعلها تتربع ضمن الحروب الأمريكية المنتصرة فيها، مما أدى إلى اكتسابها قوه مالية واقتصادية كبيرة.
5- الحرب العالمية الثانية
أدّت الحرب العالمية الأولى إلى عدم استقرار العلاقات في الدول الأوروبية؛ مما أظهر إرهاصاتٍ لحربٍ جديدة تلوح في الأفق، حيث كان طموح أدولف هيتلر كبيرًا، واستعداده للسيطرة على العالم جليًّا، فقام بإبرام اتفاقيات ومعاهدات استراتيجية عديدة مع إيطاليا واليابان. ولمّا غزا هتلر بولندا في سبتمبر سنة 1939، أعلنت فرنسا الحرب عليه، وبدأت بذلك الحرب العالمية الثانية.
انقسم العالم إلى طرفين؛ الطرف الأول يمثل الحلفاء، ويتكون من: بريطانيا، الاتحاد السوفياتي، كندا، والولايات المتحدة الأمريكية، والطرف الثاني؛ يمثل دول المحور، وهم: ألمانيا النازية، إيطاليا، اليابان، بلغاريا، رومانيا، ومملكة المجر. ومع مواجهة بريطانيا وفرنسا لألمانيا في أوروبا، كانت الولايات المتحدة الأمريكية الدولة الوحيدة القادرة على مواجهة اليابان.
وفي السابع من ديسمبر سنة 1941، هاجمت طائرة يابانية القاعدة البحرية الأمريكية الرئيسية بيرل هاربر، وأودت بحياة 2300 جندي أمريكي، الشيء الذي جعل أمريكا تقرر الانضمام للحرب العالمية الثانية. وفي ديسمبر، أعلن الكونجرس الأمريكي الحرب على اليابان، كما وأعلنت ألمانيا ودول المحور الحرب على الولايات المتحدة الأمريكية.
بعد سلسلة طويلة من المعارك المدوية والمميتة؛ والتي أَوْدت بحياة الملايين من الجنود والمدنيين، حققت القوات الأمريكية نجاحها ضد القوات اليابانية وكذا انتصرت دول الحلفاء على دول المحور.
تعد الحرب العالمية الثانية أحد أكثر الصراعات الدولية دموية في التاريخ، حيث أودت بحياة 60 إلى 80 مليون شخص؛ في حين أن العسكريين يمثلون 21 إلى 25 مليونًا. هذا؛ غير الدمار الذي عرفته البنيات التحتية، حتى أن هناك مدنا دُمِّرت بالكامل ولم يبق فيها شيء. كما وتعتبر هذه الحرب ضمن الحروب الأمريكية التي رسخت وجودها قوة عظيمة لا ينافسها أحد.
ختاما، نُقِرُّ أن الحروب الأمريكية التي انتصرت فيها أمريكا هي حروب قوية، بل وتعتبر من أعظم الحروب التي خاضها سكان هذه الأرض، فليس سهلا موت ملايين المدنيين هكذا هباء؛ دون سبب وجيه، لكن تظل أطماع الدول هي المسبب الأولا في هذه الحروب المميتة، ويبقى المدني؛ المتضرر الأول والأخير.