الآباء المؤسسون للولايات المتحدة الأمريكية بما فيهم الرؤساء الأربعة الأوائل لأمريكا كانوا رعايا بريطانيين، أدى استيائهم المتزايد من الحكم البريطاني في الستينيات والسبعينيات من القرن السابع عشر، إلى بدء المستعمرين الأمريكيين مناقشة خياراتهم، فثاروا ضد حكم الملك جورج الثالث وحققوا انتصارًا عسكريًا مذهلاً على بريطانيا التي كانت آنذاك القوة العُظمى البارزة في العالم.
ففي عام 1774 اجتمع قادة المستعمرات المختلفة معًا في فيلادلفيا، فيما أصبح يعرف منذ ذلك الحين باسم المؤتمر القاري الأول، بعد وقت قصير من اندلاع الأعمال العدائية بين القوات البريطانية والمستعمرين الأمريكيين في ليكسينغتون وكونكورد في ماساتشوستس، التقى هؤلاء الرجال مرة أخرى وأعلنوا الاستقلال عن بريطانيا في المؤتمر القاري الثاني وصاغوا لاحقًا مواد الكونفدرالية، تمت مراجعة مواد الكونفدرالية وكتابة دستور جديد، وهو الدستور الذي يحكم الولايات المتحدة الأمريكية إلى يومنا هذا، هؤلاء الرجال هم الذين يُشار إليهم باسم الآباء المؤسسون للولايات المتحدة
في الجزء الثاني من المقال نستكمل الحديث حول الآباء المؤسسون للولايات المتحدة الأمريكية
صموئيل آدامز
صموئيل آدامز هو ابن العم الثاني لجون آدامز، كان مثيرًا للجدل بسبب معارضته لسياسات الضرائب البريطانية في بوسطن – معقل المقاومة- انضم إلى أبناء الحرية، وهي جماعة معارضة سرية لجأت أحيانًا إلى تشويه سمعة الموالين لبريطانيا. كان آدامز من الذين خططوا لحفلة شاي بوسطن عام 1773 وهي حركة احتجاج على قانون الشاي الذي فرضه البريطانيون.
في عام 1775 ساعدت محاولة اعتقاله في إشعال معارك ليكسينغتون وكونكورد أول مناوشات الحرب الثورية. على عكس العديد من المؤسسين، كان آدامز مناهضًا للعبودية بشدة. وقّع على إعلان الاستقلال وعمل مشرِّعًا لولاية ماساتشوستس.
اقرأ أيضًا: علم أمريكا: كل ما تود معرفته عن تاريخ علم أمريكا
توماس جيفرسون
توماس جيفرسون رجل مثقف ومحامي وسياسي من ولاية فرجينيا. في عام 1776 تم تكليفه بالمهمة الضخمة المتمثلة في كتابة إعلان الاستقلال، والذي أعلن فيه أن “جميع الناس خلقوا متساوين ولقد منحهم خالقهم حقوقًا معينة غير قابلة للتصرف، مثل: الحياة والحرية والسعي وراء السعادة “. كان جيفرسون من أوائل المؤيدين لقضية الاستقلال الأمريكي عن بريطانيا العظمى وأكثرهم حماسة، تم انتخابه لعضوية مجلس النواب في فرجينيا عام 1768، وانضم إلى الكتلة الراديكالية بقيادة باتريك هنري وجورج واشنطن.
في عام 1774 صاغ جيفرسون أول عمل سياسي رئيسي له بعنوان “نظرة موجزة لحقوق أمريكا البريطانية” والذي رسخ سمعته كواحد من أكثر المدافعين بلاغة عن القضية الأمريكية
عين وزيرًا للخارجية في عهد واشنطن، اشتبك جيفرسون باستمرار مع هاميلتون حول السياسة الخارجية ودور الحكومة، شغل بعدها منصِب نائب الرئيس لجون آدمز قبل أن يصبح هو نفسه رئيسًا عام 1801.
جيمس ماديسون
نشأ جيمس ماديسون في مزرعة في فرجينيا وخدم في المجلس التشريعي للولاية، كان صديقًا مقرّبًا لجيفرسون، في عام 1787 في المؤتمر الدستوري العام أثبت أنه ربما يكون المندوب الأكثر نفوذاً ، حيث وضع خطة لتقسيم الحكومة الفيدرالية إلى ثلاثة فروع – تشريعية وتنفيذية وقضائية – لكل منها ضوابط على سلطتها، هذه الخطة التي تم تبنيها إلى حد كبير، أكسبته لقب “أبو الدستور”.
شارك ماديسون بعد ذلك في تأليف الأوراق الفيدرالية، وبصفته عضوًا في الكونغرس الأمريكي أصبح القوة الدافعة وراء قانون الحقوق، انتُخِب رئيسًا في عام 1808 بعد أن شغل منصب وزير خارجية لتوماس جيفرسون.
جون جاي
جون جاي كان محاميّاً لعب دورًا محوريًا في إنشاء الولايات المتحدة، فضّلَ في الأصل المصالحة مع بريطانيا بدلاً من القتال من أجل الاستقلال، لكن بمجرد اندلاع الحرب، انضم بكل إخلاص إلى جانب الثوار. عمل دبلوماسيّاً في إسبانيا واجتمع مع فرانكلين وآدامز للتفاوض على معاهدة باريس. عند عودته إلى الولايات المتحدة، عُيّن وزيرًا للشؤون الخارجية بموجب مواد الاتحاد وألف عددًا قليلاً من الأوراق الفيدرالية. في عام 1789 أصبح أول رئيسًا للمحكمة العليا الأمريكية، وبعد ست سنوات انتُخِب حاكمًا لنيويورك.
خاتمة:
هناك العديد من الشخصيات الأخرى التي يمكن تضمينها في قائمة الآباء المؤسسون للولايات المتحدة الأمريكية إذ ساهموا مع الفاعلين الرئيسيين في تأسيس الولايات المتحدة الأمريكية، مثل: جون هانكوك المعروف بتوقيعه اللامع على إعلان الاستقلال، وجوفيرنور موريس الذي كتب الكثير من الدستور، وتوماس باين البريطاني المولد مؤلف كتاب “الحس السليم”.
بالإضافة إلى بول ريفير صائغ الفضة في بوسطن الذي حذرت “رحلته في منتصف الليل” من اقتراب المعاطف الحمراء، وجورج ميسون الذي ساعد في صياغة الدستور لكنه رفض في النهاية التوقيع عليه، وتشارلز كارول الكاثوليكي الوحيد الذي وقع إعلان الاستقلال، وباتريك هنري الذي أعلن عبارته المشهورة “أعطني الحرية أو أعطني الموت!”، وجون مارشال من قدامى المحاربين في الحرب الثورية ورئيس قضاة المحكمة العليا المخضرم، وأبيجيل آدامز السيدة التي ناشدت زوجها جون آدامز أن يتذكر السيدات أثناء تشكيل البلد الجديد.
اقرأ: تاريخ التشرد في أمريكا