آخر تحديث في 4 يناير, 2022
تتكون الولايات المتحدة الأمريكية من خمسين ولاية -منها ولاية كولورادو الأمريكية-، بالإضافة لمقاطعة فيدرالية واحدة هي “واشنطن”. وتُعتبر كل ولاية دولة منفصلة داخل الدولة الأم، حيث تمتلك كل ولاية عددًا من الصلاحيات والحقوق المنصوص عليها في الدستور الأمريكي بمعزل عن الولايات الأخرى، بالإضافة لامتلاك كل ولاية إدارة خاصة بها تتألف من سلطة تشريعية وتنفيذية وقضائية، ويُمثلها عضوين في مجلس الشيوخ الأمريكي.
في هذه السلسلة سنحاول التعرف على كل ولاية على حدى، واستعراض معلومات عامة عنها من حيث الموقع الجغرافي، والتعداد السكاني، والنشاط الصناعي والتجاري والزراعي المميز لتلك الولاية، بالإضافة لاستعراض أهم العادات والتقاليد التاريخية الخاصة بتلك الولاية، وبعض المزارات السياحية والأثرية والمعاهد التعليمية والجامعات التي يُمكن زيارتها. وفي مقال اليوم سنتعرف سويًا على ولاية كولورادو الأمريكية.
أصل التسمية
سُميت ولاية كولورادو الأمريكية بهذا الاسم نسبةً لنهر “كولورادو” النابع من وسط جبال روكي الأمريكية، وأطلق المستكشفون الأسبان على النهر اسم “ريو كولورادو”، أي “النهر الأحمر”؛ وذلك لأن مياه النهر تميل للحُمرة بسبب الطمي الذي تحمله من جبال روكي.
ويُطلق على سكان هذه الولاية لقب “كولورادوان – Coloradoan”، واُستخدم هذا اللقب لأول مرة في صحيفة “فورت كولنز كولورادوان”.
الموقع والظواهر الجغرافية
تقع ولاية كولورادو الأمريكية وسط الولايات المتحدة الأمريكية باتجاه الغرب، ويحدها شمالًا ولايتي “وايومنغ” و”نبراسكا”، وشرقًا ولاية “كانساس”، وجنوبًا ولايتي “أوكلاهوما” و”نيو مكسيكو”، وغربًا ولايتي “يوتا” و”أريزونا”.
تتميز “كولورادو” بمظاهر طبيعية متنوعة، فتمر بها سلسلة “جبال روكي” التي تضم من بينها أربع وخمسين قمة جبلية يبلغ ارتفاعها 4270 كم وأكثر، بالإضافة لنهر “كولورادو” النابع من وسط “جبال روكي” الأمريكية. ويمتد جنوب غرب الولاية من خلال هضبة “كولورادو” حتى يصل بحيرة “ميد” عند الخط الفاصل بين ولايتي “أريزونا” و”نيفادا”، فضلًا عن وجود بعض الهضاب والمناطق الصحراوية والأودية.
تتكون الولاية من خمس وستين مقاطعة أشهرهم: مقاطعة دينفر (عاصمة الولاية، وتضم أكثر من نصف سكان الولاية)، ومقاطعة كولورادو سبرينغز، ومقاطعة أورورا، ومقاطعة فورت كولينز.
وتتميز الولاية بطقس معتدل جاف صيفًا، فتصل درجة الحرارة بها في شهر يوليو إلى 23 درجة مئوية، بينما تصل درجة حرارة الشتاء إلى درجتين مئويتين تحت الصفر.
التاريخ
استوطنت قبائل الهنود الحُمر ولاية كولورادو الأمريكية حتى وصول المستكشفين الأسبان، وعند وصولهم غيروا اسم النهر ليصبح “النهر الأحمر” ومن هنا اكتسبت الولاية اسمها، فكلمة الأحمر بالإسبانية تعني Colorado، واستطاعت الحكومة الأمريكية ضمها للاتحاد الأمريكي جزء من صفقة شراء “لويزيانا” عام 1803، وبسبب البحث عن الذهب في سفوحها الجبلية، هاجر العديد من السكان إليها.
وفي الأول من أغسطس عام 1876، وقع الرئيس الأمريكي “يوليسيس غرانت” مرسومًا يُفيد بضم الولاية لاتحاد الولايات الأمريكية، لتصبح الولاية الثامنة والثلاثين المُنضمة للاتحاد، وصادف أن هذا العام هو الذكرى المئوية لإعلان استقلال الولايات المتحدة، وبالتالي اُطلق عليها لقب “الولاية المئوية”.
علم ولاية كولورادو الأمريكية
اُعتمد علم ولاية كولورادو الأمريكية عام 1911 في الرابع من ديسمبر، ويتألف العلم من أربعة ألوان هم: الأزرق والأحمر والأبيض والأصفر.
اللون الأصفر يُشير إلى طبيعة الولاية المُشمسة وشروق الشمس على الطبيعة الخلابة، أما اللون الأبيض يُشير إلى الثلج الذي يغطي القمم الجبلية الموجودة بالولاية، واللون الأزرق يُشير إلى السماء الصافية التي تتمتع بها الولاية، أما اللون الأحمر يُشير إلى لون التربة الحمراء بسبب جبال روكي، والتي تنتشر في جوانب الولاية.
الإحصاء السكاني
يسكن ولاية كولورادو الأمريكية ما يزيد عن خمسة ملايين نسمة، وتبلغ الكثافة السكانية بها 20.2 نسمة لكل كيلو متر مربع، وهي كثافة سكانية منخفضة، نظرًا لطبيعة الولاية الجبلية والصحراوية. وتشير التوقعات إلى ارتفاع معدل السكان بالولاية ليصل عام 2030 إلى سبعة ملايين نسمة.
ويُشكل الأوروبيون البيض أكثر من 80% من نسبة السكان، يليهم الأمريكيين الأفارقة ثم الأسيويين، وتُعد ولاية “كولورادو” من أكثر الولايات الحاوية لمهاجرين غير شرعيين، فبلغت نسبتهم عام 2018 إلى 144 ألف مهاجر غير شرعي، وتُعتبر مقاطعة “دنفر” هي أكبر مقاطعات الولاية من حيث عدد السكان، فيسكن الولاية ما يقرب من 50% من إجمالي سكان الولاية (عدد السكان بدنفر: 2,500,000 نسمة).
الاقتصاد
توسعت ولاية كولورادو الأمريكية مؤخرًا في قطاعيّ الصناعة والخدمات، فبعد أن كانت تعتمد في الماضي على الزراعة وتربية الحيوان كمصدر دخل رئيسي، ركزت الولاية على البحث العلمي والتكنولوجي مما أتاح لها فرصة الاستثمار الصناعي اعتمادًا على الخامات المُستخرجة من أرضها الغنية. تحتل “كولورادو” المركز الثامن بين الولايات من حيث النمو الاقتصادي، فبلغ الإنتاج المحلي لها 187 مليار دولار، وأصبح متوسط دخل الفرد سنويًا 34,561 دولار.
تشتهر الولاية بزراعة محاصيل: الحبوب والأعلاف والقمح، بالإضافة لتربية الماشية وإنتاج الألبان، فضلًا عن وجود العديد من الصناعات الثقيلة على أرضها مثل: استخراج معادن الذهب والموليبدنوم.
وتحتوي الولاية على العديد من العديد من الإدارات المركزية للحكومة الاتحادية، مثل: مقر قيادة دفاع الفضاء الجوي الأمريكية، وقاعدة بيترسون الجوية، والمعهد الوطني للمعايير والتكنولوجيا، وإدارة أكاديميات القوات الجوية الأمريكية في “كولورادو سبرينغز”، ووكالة المسح الجيولوجي للوسط الأمريكي في “ليكوود”، وسجون “سوبر ماكس” الاتحادية.
الجامعات والمعاهد الحكومية
تحتوي الولاية على عدة جامعات عريقة ولها سمعة قوية وحسنة داخل الولايات المتحدة وخارجها، مثل:
– جامعة كولورادو للفحم: تأسست الجامعة عام 1864 بمساعدة الكنيسة الأسقفية، ويشغلها 5700 طالب، وتهتم بدراسة الهندسة والعلوم التطبيقية والاجتماعية.
– جامعة كولورادو: تأسست تلك الجامعة عام 1871، وتقع في مدينة سبرينغر، وتبلغ مساحتها ما يزيد عن 90 فدان، وتقوم بدراسة علوم السياسة والاقتصاد والاجتماع.
– جامعة دنفر: تأسست الجامعة عام 1864 بواسطة “جون إيفانز” الحاكم السابق للولاية، وتستقبل سنويًا 13000 طالب، وتبلغ مساحتها 125 فدان، و تهتم بتدريس علوم البيولوجيا والطب والعلوم الاجتماعية.
– جامعة كولورادو-بولدر: تأسست عام عام 1876، وهي مؤسسة من ضمن 34 مؤسسة أمريكية ضمن جمعية الجامعات الأمريكية للبحث العلمي، وتستقبل 14500 طالب سنويًا، وتهتم بتدريس علوم الهندسة والطب وإدارة الأعمال.
– أكاديمية القوات الجوية الأمريكية: تأسست عام 1959 في كولورادو سبرنج، وتقوم بإعداد الطلاب أكاديميًا تمهيدًا لانضمامهم للقوات الجوية الأمريكية، ويستغرق البرنامج التدريبي بها خمسة أسابيع.
السياحة
تُعتبر ولاية كولورادو الأمريكية وجهة رائدة للسائحين الراغبين بالاستمتاع بجمال الطبيعة، وتسلق المرتفعات، والتزحلق على الجليد. تحتوي الولاية على العديد من الأماكن السياحية البارزة كالآتي:
– حديقة جبال روكي الوطنية: تقع الحديقة على بُعد بضعة أميال من مدينة “إستس بارك”، وتضم الحديقة مائة قمة جبلية التي يتجاوز ارتفاع بعضها أكثر من عشرة آلاف قدم، بالإضافة لعدد من البُحيرات والغابات والحياة البرية الجذابة، كما تُوفر الحديقة مسارات مشي وسط تلك الطبيعة الخلابة.
– حديقة ميسا فيردي الوطنية: مجموعة مساكن أثرية للقبائل الهندية التي عاشت بجنوب غرب البلاد خلال الفترة من 600 م حتى 1300 م، وتستقبل تلك الحديقة الزوار في فصل الصيف بالأخص.
– حديقة الآلهة: تتكون الحديقة من تركيبات صخرية طبيعية بشكل سريالي وفني تجذب من خلاله أنظار السائحين.
– مدينة دورانجو: تقع المدينة في جنوب الولاية، وتتميز المدينة بوجود عدة مبان على الطراز الأمريكي القديم، فهي عبارة عن رحلة عبر التاريخ القديم للولايات المتحدة الأمريكية. وتتميز أيضًا بوجود مرتفعات جبلية مغطاة بالثلوج يُمكن استغلالها لممارسة رياضة التزحلق على الثليج.
– الكانيون الأسود: وهو عبارة عن وادي عميق وسط الجبال، وينخفض عن سطح الجبال بمقدار 2000 متر، ويمر به نهر “غونيسون”.
يُمكن اعتبار ولاية كولورادو الأمريكية هي لوحة مُصغرة للتاريخ الأمريكي، وتتميز المدينة بالجانب الطبيعي والطراز المعماري القديم اللافت للأنظار، بالإضافة لاعتبارها قوة اقتصادية مؤثرة بالاقتصاد الأمريكي. وتتنوع بها مصادر الدخل القومي بين السياحة والصناعة والزراعة، وهذا ما يجعلها وجهة مفضلة لكافة المستثمرين.