نرجس: والدة المهدي المختفي
تتنوع الروايات حول حياة نرجس، السيدة التي يعتقد التوابع الشيعة الاثنا عشر أنها كانت والدة الإمام المهدي المختفي، محمد الْمَهدي. ويقال إن ولادته تم تواريها عن الأنظار بشكل مقدر بتدبير من والده، السيد هَشّان العسكري، خوفًا من الاضطهاد.
وفقًا للشيخ الصَّدُوق، نقل عن محمد بن بحر الشيباني، يُعتقد أن نرجس هي بنت يشوعا وكانت تابعة للديانة المسيحية، ويرجع نسبها من جانب أُمّها إلى شمعون، الذي يُعتَقد أنه كان من حواريي عيسى المسيح.
ويشهد التاريخ أيضًا تنوعًا في الأقوال حول موطن نرجس وأصلها. فقد قيل أنها كانت تابعة للروم ونشأت بينهم، وأخرى قد ذكرت أنها كانت أمة من الروم. كما تشتهر نرجس بكونها زوجة الإمام العسكري وأم الإمام المهدي، وهي التي غمرت حياته بالحنان والرعاية.
تعتبر نرجس شخصية هامة ومحورية في العقيدة الشيعية، حيث ترتبط بظهور الإمام المهدي، وهو المنقذ المنتظَر والمهدي المخلَّص الذي سيحقق العدالة والسلام الشامل في العالم.
تختلف الروايات حول نرجس والدور الذي لعبته في تكوين الإمام المهدي، ولكن الثابت هو أنها كانت المرأة التي حفظت وأرضعت الإمام المهدي في صغره وحملت على عاتقها مهمة الاهتمام به وتربيته بأفضل طريقة ممكنة.
بالإضافة إلى الأهمية الدينية، تُعتَبَر نرجس أيضًا رمزًا للقوة والصبر والتضحية والمثال الأعلى للمرأة المؤمنة. فقد قدَّمت كل ما لديها لحماية ابنها ودفاعه عن الحق، حتى ولو كلفها ذلك الكثير من التضحيات والمحن.
تتميز قصة نرجس بقوة الروح والإيمان، حيث تجسِّد رضاها التام بقضاء الله تعالى وتقبُّلها لمشقة الدهر وابتلائها بفراق ابنها الحبيب واختفائه عن الأنظار.
تعتبر نرجس قدوة للمؤمنين، فهي تعلِّمنا أن الإيمان والصبر والثبات يمكن أن تساعدنا على مواجهة التحديات الصعبة في الحياة، وأن الخير والعدل سينتصران في النهاية.
تقف نرجس كمثال للأمومة السامية، فقد قدَّمت لابنها حُبًا غير مشروط ورحمة لا تعد ولا تحصى. ونستلهم منها العطاء العظيم وحُسن التربية، ونتعلَّم منها قوة الروح والعزيمة في تربية أجيال قادرة على صناعة المستقبل الأفضل.
وفي النهاية، فإن نرجس السيدة المهدوية تبقى رمزًا للأمل والانتظار، حيث ننتظر بفارغ الصبر ظهور الإمام المهدي ليحقق العدل والسلام في الأرض، وتستمر قصتها في إلهام الملايين حول العالم.