آخر تحديث في 21 أغسطس, 2021
يُعد محمد علي كلاي أحد أفضل الرياضيين في أمريكا والعالم خلال القرن العشرين، حصل على الميدالية الذهبية الأولمبية عام 1960م، ثم على بطولة العالم للوزن الثقيل في الملاكمة عام 1964م، وبعد انتهاء فترة تعليقه بسبب رفضه الخدمة العسكرية، حاز على لقب بطل العالم للوزن الثقيل مرتين خلال السبعينيات ليصبح بطلًا للعالم ثلاث مرات، فاز بمباريات شهيرة ضد “جو فرايزر” و”جورج فورمان“، كما حقق محمد علي كلاي رقمًا قياسيًا بلغ 56 فوزًا وخمس خسائر و37 ضربة قاضية، قبل اعتزاله الملاكمة بعمر 39 عاماً.
حياة محمد علي كلاي الباكرة
ولد كلاي في 17 يناير 1942 في لويزفيل بولاية كنتاكي، وكان اسمه حين ولادته “كاسيوس مارسيلوس كلاي جونيور”، جدّه الأكبر إيرلندي هاجر للولايات المتحدة وتزوج من إمرأة أفريقية الأصل، نشأ محمد علي كلاي في ولايات أمريكا الجنوبية فعانى من العنصرية والتمييز، عندما بلغ سن الثانية عشرة.
اكتشف كلاي موهبته في الملاكمة من خلال صدفة غريبة، فبعد سرقة دراجته أخبر كلاي ضابط الشرطة “جو مارتن” أنه يريد أن يضرب السارق، فأخبره جو مارتن بأن عليه تعلّم القِتال قبل أن يتحدى الناس، وكان مارتن يقوم بتدريب الملاكمين الشباب في صالة ألعاب رياضية محلية، بدأ محمد علي كلاي التدرُّب مع الشرطي مارتن لتعلُّم كيفية المناورة والقتال، وسرعان ما بدأ مسيرته في الملاكمة، فكانت أول مباراة له مع الهواة عام 1954م وفاز فيها، ثم ذهب كلاي للفوز بدورة القفازات الذهبية للمبتدئين في فئة الوزن الثقيل الخفيف عام 1956م، وبعد ثلاث سنوات فاز بـ بطولة القفازات الذهبية الوطنية للأبطال، ثم فاز باللّقب الوطني لاتحاد الرياضيين الهواة لقسم الوزن الثقيل الخفيف، اشتهر بسرعته في المناورة ولكمته القوية التي تعادل في قوتها 1000 باوند.
انطلاقته القوية
في عام 1960م حينما كان عمره 18 عامًا، حاز محمد علي كلاي على مكان له في فريق الملاكمة الأولمبي الأمريكي، فسافر إلى روما للمنافسة في دورة الألعاب الأولمبية، بعد فوزه بمبارياته الثلاث الأولى، هزم كلاي زبيغنيو بيترزكوفسكي من بولندا ليفوز بالميدالية الذهبية الأولمبية الخفيفة للوزن الثقيل، بعد فوزه الأولمبي أُعلن عن كلاي بطلاً لأمريكا، وسرعان ما أصبح محترفًا واستمر في التغلب على جميع خصومه في الحلبة، ففي عام 1963م تغلب محمد علي كلاي على بطل الوزن الثقيل البريطاني هنري كوبر، ثم أطاح بـ سوني ليستون عام 1964م ليصبح بطل العالم للوزن الثقيل.
في أبريل من عام 1967م تم تجنيده في الجيش الأمريكي، فرفض الخدمة على أساس أنّه مسلم وصرّح بأن عقيدته تمنعه من أن يقاتل من لم يعتدي عليه، فقُبِض عليه وجُرِّد من ألقابه العالمية ومن رخصة الملاكمة، ورفعت وزارة العدل الأمريكية دعوى قضائية ضده لإدانته بانتهاك قوانين الخدمة، وحُكم عليه بالسجن خمس سنوات في يونيو 1967م، وظلّ حرًا أثناء استئناف إدانته، لكنه كان غير قادر على المنافسة بشكل احترافي إذ تم تعليق مشاركته في المنافسات، فغاب محمد علي كلاي أكثر من ثلاث سنوات، ثم عاد إلى الحلبة عام 1970م وتغلّب على الملاكم جيري كواري، ألغت المحكمة العليا الأمريكية الحكم عليه في يونيو عام 1971م.
اقرأ أيضًا: تعرف على أشهر الرياضات الشعبية في أمريكا
أهم المواجهات التي خاضها
واجه محمد علي “جو فريزر” في مباراة أطلق عليها لقب “معركة القرن”، استمرّت لمدة 14 جولة وخسرها محمد علي كلاي لتكون أول خسارة احترافية له بعد 31 فوزًا، لكنه عاد وتغلب على فريزر في مباراة العودة عام 1974م، ثم مرة أخرى تواجه كلاي وفريزر عام 1975م في الفلبين، في مباراة ثأرية فاز بها محمد علي كلاي.
وقعت معركة أسطورية أخرى لمحمد علي عام 1974م ضد بطل الوزن الثقيل “جورج فورمان”، كان يُنظر إلى محمد علي على أنه الأضعف أمام فورمان الأضخم والأصغر سنًا، لكنه أدّى ملاكمة رائعة، وأجهز على فورمان بالضربة القاضية في الجولة الثامنة ليستعيد لقب الوزن الثقيل، واجه أيضًا “ليون” وهزمه في مباراة العودة في سبتمبر 1978م، ليصبح أول ملاكم يفوز ببطولة الوزن الثقيل ثلاث مرات، ثم واجه لاري هولمز في عام 1980م وتغلّب عليه.
تقاعد محمد علي كلاي بعد خسارة نهائية واحدة في عام 1981م أمام تريفور بيربيك، كان عمره حينها يناهز 39 عامًا، كثيرًا ما كان يلقب نفسه بالأعظم، إذ عُرف عنه التباهي بمهاراته في القتال إذ كان يصف نفسه قائلاً: “أطفو مثل الفراشة، وألسع كالنحلة”.
حياته الشخصية
انضم محمد علي كلاي إلى جماعة أمة الإسلام في عام 1964م، في البداية أطلق على نفسه اسم كاسيوس العاشر ثم تسمّى أخيرًا باسم محمد علي كلاي، لم يستمر كلاي مع أمّة الإسلام فترة طويلة، إذ تركهم واعتنق العقيدة الإسلامية الصحيحة خلال السبعينات، تزوج محمد علي كلاي مرات عديدة ولديه تسعة أطفال، زوجته الأولى كان اسمها “سونجي روي” تزوجها عام 1964م، ثم انفصلا بعد عام واحد عندما رفضت الالتزام بتعاليم أمة الإسلام في مسألة لِباس المرأة.
تزوج بعدها عام 1967م من “بليندا بويد” البالغة من العمر 17 عامًا، أنجبا أربعة أطفال هم: ماريوم، جميلة ولبنان، محمد علي الابن، ثم تطلّقا عام 1976م، في الوقت الذي كان كلاي متزوجًا من بليندا سافر مع فتاة تدعى “فيرونيكا بورش” التي أصبحت فيما بعد زوجته الثالثة عام 1977م، استمر زواجهما 9 أعوام وتطلّقا عام 1986م، وله من فيرونيكا ابنتان “هناء وليلى” وقد تبِعت ليلى خُطى والدها في الملاكمة.
تزوج محمد علي كلاي الزيجة الرابعة من فتاة تُدعى يولاندا عام 1986م، وكانا يعرفان بعضهما البعض منذ أن كانت يولاندا في السادسة من عمرها وكان هو يبلغ من العمر 21 عامًا، إذ كانت أمهاتهم صديقات وترَبّيا في نفس الشارع، ظلّ كلاي ويولاندا متزوجين حتى وفاته، وأنجب منها ابنًا واحدًا اسمه أسعد، في أثناء زواجه من يولاندا تزوج من اثنتين معها بعد اعتناقه الإسلام، بناءً على النظام الإسلامي الذي يسمح بتعدد الزوجات، فكانت الزيجة الثانية من “باتريكا هارفل” عام 1972 وأنجبا بنتًا اسموها “مِيا”، أما الزيجة الثالثة فكانت عام 1974م من “واندا بولتون” التي غيرت اسمها لعائشة علي وأنجبا بنتاً تُدعى “خالية”، لكن هذهِ الزيجات لم يكُن مُعترفًا به قانونيًا في أمريكا، إذ تمنع الولايات المتحدة الأمريكية تعدد الزوجات.
تقاعده عن الملاكمة
تقاعد محمد علي كلاي عن الملاكمة عام 1981م، ثم في عام 1984م أعلن أنه مصاب بـ مرض باركنسون، وعلى الرغم من تطور مرض باركنسون عنده وتضيُّق العمود الفقري، فقد ظلّ نشطًا في الحياة العامة، وأعطى الكثير من وقته للعمل الخيري، أوقد الشعلة الأولمبية عام 1996م في دورة الألعاب الأولمبية الصيفية بأتلانتا، وسافر إلى العديد من البلدان حول العالم للقيام بالأعمال الخيرية. في عام 1998م تم اختياره ليكون رسولًا السلام للأمم المتحدة بسبب عمله في الدول النامية، جمع الأموال لمركزه الذي أسماه “مركز محمد علي باركنسون” في مدينة فينيكس بولاية أريزونا، وافتتحه عام 2005م، كما كان حاضرًا في الاحتفال بأداء اليمين الدستورية وتنصيب باراك أوباما، أول رئيس أمريكي من أصل أفريقي في يناير 2009م.
حصل محمد علي كلاي على العديد من الألقاب والجوائز من ضمنها وسام الحرية الرئاسي الذهبي من الرئيس جورج دبليو بوش عام 2005م، ودون باقي نجوم المشاهير الذين وضِعت النجوم التي تحمل أسمائهم على الأرض في ممر الشهرة بهوليوود، فقد عُلِّقت النجمة التي تحمل اسمه على حائطٍ في ممرِّ الشهرة، إذ رفض أن يكون اسمه على الأرض لأنه اسم النبي محمد صلى الله عليه وسلم، كما تلقّى جائزة الرئيس من باراك أوباما لجهوده في الخدمة العامة.
وفاته
عانى محمد علي كلاي في سنواته الأخيرة من مشاكل رئوية والتهابات في المسالك البولية، توفي في 3 يونيو 2016م، في مدينة فينيكس بولاية أريزونا في أمريكا، بعد أن تمَّ نقله إلى المستشفى بسبب مشكلة تنفسية، كان عمره حينها 74 عامًا، أُقيمت جنازته في مدينة لويزفيل بولاية كنتاكي مسقط رأسه، استمرت مراسم الجنازة ثلاثة أيام، وقبل دفنه سار موكب الجنازة لمسافة 20 ميلاً عبر مدينة لويزفيل، مرورًا بمنزل طفولته ومدرسته الثانوية وأول صالة رياضية للملاكمة تدرّب فيها، وعلى طول شارع بوليفارد وقف عشرات الآلاف من المحبين لوداعه وألقوا الزهور على جنازته وهتفوا باسمه.
أُقيمت صلاة الغائب على جنازته وشهد عشرون ألف شخص وداع البطل محمد علي كلاي، كان من بين المتحدثين زعماء دينيون وشخصيات بارزة مثل: عطا الله شباز الابنة الكبرى لمالكوم اكس، والمذيع براينت جومبل، والرئيس السابق بيل كلينتون، وابنتي علي ماريوم وراشيدا وأرملته يولاندا، وكان من بين حاملي النعش الممثل ويل سميث وأبطال الوزن الثقيل السابق مايك تايسون ولينوكس لويس، دُفن أسطورة الملاكمة محمد علي كلاي في مقبرة كيف هيل الوطنية في لويزفيل، تارِكًا ورائه سيرة ملهمة وزاخرة بالإنجازات والمواقِف الشجاعة.
اقرأ أيضًا: مارتن لوثر كينغ .. رائد الحقوق المدنية في الولايات المتحدة الأمريكية