يُعَتَّبِرُ القُرْآنُ الكَرِيمُ كِتَابَ اللَّهِ تَعَالَى الخَاتَمَ المُعَجَّزِ الَّذِي يَتَفَوَّقُ عَلَى بَاقِي الكُتُبِ فِي مَضَمُونِهِ وَكَلَامِهِ، وَلَا غَرَابَةَ فِي ذَلِكَ؛ فَهُوَ كَلَامُ اللَّهِ – عزَّ وَجَلَّ – الَّذِي وَصَلَ إِلَيْنَا بِطَرِيقَةٍ أَيْضًا مُعَجَّزَةٍ، تُبَيِّنُ عَظَمَ مَكَانَةِ هَذَا الكِتَابِ العَظِيمِ. يَتَضَمَّنُ الكِتَابُ الكَرِيمُ العَدِيدَ مِنَ الْمَوَضِيعِ الهَامَّةِ الَّتِي تُهِمُّ كُلَّ إِنْسَانٍ مَهْمَا كَانَ، سَوَاءً كَانَ مُسْلِمًا مُؤْمِنًا أَمْ غَيْرَ ذَلِكَ، فَإِعْجَازُ الكِتَابِ الكَرِيمِ لَا يَكِنُّ فَقَطْ فِي لُغَتِهِ الرَّفِيعَةِ الَّتِي لَا يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ التَّكَلُّمُ بِهَا، بَلْ يَكِنُّ أَيْضًا فِي صَلَاحِيَّتِهِ لِكُلِّ الْأَزْمَانِ وَالْأَمَكِنَةِ، فَهُوَ كِتَابٌ عَالَمِيٌّ بِامْتِيَازٍ وَبِلَا أَدَنَى رِيبٍ أَوْ شَكٍّ فِي ذَلِكَ، وَهُوَ إِلَى جَانِبِ ذَلِكَ خَاتَمُ الْكُتُبِ السَّمَاوِيَّةِ الْمُنَزَّلَةِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ – عزَّ وَجَلَّ -.
لَقَدِ اكْتَسَبَ هَذَا الْكِتَابُ العَظِيمُ الْمُعَجَّزِ كُلَّ هَذِهِ الْأَهْمِيَّةِ مِنْ خَلَالِ رِسَالَتِهِ الرَّسُولِيَّةِ وَتَأْثِيرِهِ عَلَى الْجُمُوعِ، فَالقُرْآنُ الكَرِيمُ هُوَ بِالتَّأْكِيدِ كَلِمَةُ اللَّهِ الْحَقِّ التَّيْ لَا تَخْطِئُ وَلَا يَعْدِلُهَا أَحَدٌ. وَهُنَاكَ عَدَّةُ مَظَاهِرِ الْإِعْجَازِ بِدَاخِلِ الْكِتَابِ الْكَرِيمِ، فَمِنْهَا الْإِعْجَازُ الْعَلَمِيُّ وَالْعَدَدِيُّ وَالتَّشْرِيعِيُّ وَاللِّغَوِيُّ وَغَيْرُهَا مِنْ الْمَظَاهِرِ.
لِذَا، فَإِنَّ فَهْمَ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ وَتَفَسُّرِهِ وَتَطْبِيقِهِ يَعُدُّ وَاجِبًا عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَطَلَّعَ عَلَى مَعَانِيهِ وَأَحْكَامِهِ بِعِبَرٍ وَفَصْحٍ وَدُقَةٍ. كَمَا يَنْبَغِي لَهُ تَحَلُّلُ فُهُومِهِ وَتَطَبُّقُهَا بِمَا يَعْودُ بِالنَّفْعِ وَالْخَيْرِ عَلَيْهِ وَعَلَى الْمُسْلِمِينَ جَمِيعًا. إِذْ إِنَّ اسْتِكْمَالَ فَقِهِ الْعَقِيدَةِ وَالْإِيمَانِ يَتَطَلَّبُ تَحَقُّقًا لِلْفَهْمِ الْصَحِيحِ لِلْقُرْآنِ الْكَرِيمِ وَتَطْبِيقًا عَمَلِيًّا لِمُقَتَضَاهُ.