وأطلت من بين الردم والشوك على أبواب مدينة يافا المدمرة. وقفت هناك وأخذت أنظر إلى عتبة الدار وقلبي المنكسر يناديني لأبكي. كانت تلك البقايا تذكرني بأولئك الذين غادروها وماتوا، وكانت تنادي وتأبى أن تُقبل بمصيرها المحطم. كان القلب يتساءل: ماذا حدث لهذا المكان الذي كنت أعيش فيه؟ وأين سكانه؟ هل وصلهم خبر عن بعدتهم؟ هل جاءوا لزيارتها؟
كانوا يقفون هنا، يحلمون هنا، يخططون لمستقبلهم هنا. فأين ذهبت تلك الأحلام ومستقبلهم؟ وأين هم الآن؟ كانت أنقاض المدينة لا تخبرنا إلا بغيابهم وصمتهم. كان هناك تجمع للأشباح والبوم، ذوي الوجوه الغريبة والأيدي الباهتة والألسنة الصامتة. كانوا يطوفون حول المدينة، يمتدون أيديهم نحو جذورها. كانوا يسيطرون عليها ويحكمونها بجبروتهم وقوتهم.
وكان القلب يمتلئ بالحزن والألم في وجه هذا المشهد المحزن.
أحبائي، لمست ضبابة الدموع الرمادية عن عيني، وأطلت من بين الردم والشوك.