الحجّ يعدّ من أعظم الشعائر الإسلامية، وهو الركن الخامس من أركان الإسلام الخمسة. ومن له القدرة المالية والبدنية عليه فإن الحجّ عليه واجب، ولكن للأشخاص الذين لا يستطيعون تأدية الحجّ فإن القضاء على غيره أمر ممكن لتحصيل الثواب والمغفرة. وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من حجّ فلم يفسق ولم يفعل فقد رجع كيوم ولدته أمه”. ولذلك فإن شهر ذي الحجّ يعتبر شهراً مباركاً وخاصاً بتأدية الحجّ وأعمال العبادة.
الحجّ يبدأ في يوم التروية الذي هو يوم التاسع من شهر ذي الحجة، ويستمر حتى اليوم العاشر من الشهر، وهو يوم العرفة. في يوم التروية، يتوجه الحجاج إلى منى حيث يقومون برمي الجمرة الكبرى ويبيتون هناك، ثم يواصلون رحلتهم إلى عرفات في يوم العرفة.
في يوم العرفة، يقف الحجاج في صعيد عرفات ويدعون الله تعالى ويستغفرونه، ويؤدون الصلوات والذكر بهدف مغفرة الذنوب والتقرب إلى الله. وقد أشار رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أن يوم العرفة هو يوم التجمع والحساب، وأنه لا يوم أعظم عنده ولا عبادة أعظم من أداء الفريضة فيه.
بعد يوم العرفة، يتوجه الحجاج إلى مزدلفة حيث يبيتون ويقومون برمي الجمرات الثلاث ويصلون الصلاة المشروعة في هذا اليوم والذكر والدعاء. ثم يتوجهون إلى منى لإكمال الرمي وتحليل الإحرام.
يعد الرمي من الشعائر الهامة في الحجّ، حيث يرمي الحجاج الجمرات الثلاث بالحصى الصغيرة كنوع من التذكير بتجربة النبي إبراهيم عليه السلام عندما حاول الشيطان إلهاءه عن أمر الله. وتعتبر رمي الجمرات فرصة للتخلص من الشياطين الداخلية وتجديد العهد مع الله.
بعد الرمي، يتم حل الإحرام من قبل الحجاج ويتوجهون إلى البيت الحرام في مكة المكرمة لأداء الطواف والسعي بين الصفا والمروة. يقوم الحجاج بالطواف بالبيت الحرام سبع مرات، والسعي بين الصفا والمروة سبع مرات، وهذه الأعمال العبادية هي جزء من شعائر الحج.
بعد أداء الطواف والسعي، يتوجه الحجاج إلى منى للإقامة والأداء الأعمال المتبقية من الحجّ. في منى، يقوم الحجاج برمي الجمرات الثلاث لمدة ثلاثة أيام ، ويستمر في الصلوات والذكر والدعاء.
في اليوم الثاني عشر من شهر ذي الحجة، يجري أكبر تجمع للحجّاج حيث يرمون الشياطين بالجمرات ويستمرون في أداء الصلوات والتسبيح والذكر. وفي هذا اليوم يتم الإفراج عن الحجاج الذين أدوا الرمي والسعي والطواف والعمرة، وتحل عليهم الأيام البيض.
بعد العودة من منى، يتوجه الحجاج إلى مكة المكرمة لأداء طواف الوداع وهو طواف الوداع الذي يأتي قبل مغادرة مكة واستكمال شعائر الحجّ ليعبّر الحاج عن حزنه على فراق بيت الله العتيق.
في النهاية، تأتي فضائل العشر ذي الحجة من تفوقها على باقي الأيام والشهور، والتركيز على العبادة والتقرب إلى الله. ومن خلال تأدية العبادات من الحجّ والرمي والطواف والسعي، يحظى المؤمنون بالقرب من الله والمغفرة والثواب. وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ما من أيام العمل الصالح فيها أحبّ إلى الله من هذه الأيام”. ولذلك، ينبغي للمسلمين أن يستغلّوا هذه الأيام العشر الفضيلة للتقرب إلى الله وأداء الأعمال الصالحة والاستغفار.