تشتهر أمريكا بالروائيين والكُتاب العالميين الذين قد تعرفهم وقد لا يصادف علمك بهم، ولكن دكتور سوس! لن تجد شخص واحد في شوارع أمريكا لا يعرف دكتور سوس أو قرأ له إحدى قصصه المُبدعة. تركت قصص دكتور جيزل سوس الذكريات الجميلة في أجيال كثيرة وعلمتهم الكثير من الآداب والأخلاق التي ما زالت بداخلهم حتى الآن، يُعرف دكتور سوس بأنه أسطورة كتابة القصص في أمريكا.
من هو دكتور سوس؟
“ثيودور سوس جيزل” والمعروف بدكتور سوس؛ هو كاتب ورسام كاريكاتير نشر أكثر من 60 كتابًا، كما رسم 45 كتابًا للأطفال مليئة بالشخصيات السحرية والقصائد الفكاهية، وقد تزوج دكتور جيزل سوس ولم يُنجب، فلذلك قد قرر أن يبتكر طريقة مميزة في تأليف قصص الأطفال، ولكنها أصبحت المفضلة للكبار والصغار على حدٍ سواء.
يُذكر أنه تم ترجمة أعمال دكتور جيزل سوس لأكثر من 20 لغة، كما تم تحويل البعض من تلك الأعمال إلى رسوم تلفزيونية متحرك، تم نشر كتابه الأول عام 1937، وبعد ذلك فقد تم إصدار سلسلتين من أكثر سلاسل الكتب مبيعًا، مثل سلسة “The Cat in The Hat”، وسلسة “Eggs and Ham Green”.
نشأة وحياة دكتور سوس
وُلِد دكتور سوس عام 1904 في سبرينجفيلد بولاية ماساتشوستس، كان والده يدير إحدى المصانع الخاصة بالعائلة، وتم تعيينه في وقت لاحق للإشراف على نظام المتنزهات بعد غلق المصانع في وقت الحظر؛ بسبب الحرب العالمية الأولى، وكانت عائلته من أصول ألمانية لذلك فقد كان يُعاني دكتور جيزل سوس وأخته من التفرقة بعد الحرب.
غادر المنزل والتحق بكلية “دارتموث”، ومن ثم التحق بمجلة “الفاكهة”، وترقى فيها ليُصبح مدير التحرير، ولكن تم طرده من المجلة، وذلك بعد القبض عليه هو ومجموعة من أصدقائه يشربون الكحوليات، والتي كانت ممنوعة في ذلك الوقت؛ وفقًا لقانون الحظر الذي امتد بين الفترة من 1920 وحتى 1933، ورغم ذلك ظل مساهمًا في المجلة ولكن تحت اسمه المستعار وهو “دكتور سوس”.
بعد تخرجه من “دارتموث” التحق بجامعة أوكسفورد بعد أن وضع خطته ليصبح أستاذًا في الأدب الإنجليزي، ولكنه كان قد صادف زوجته المستقبلية “هيلين بالمر” والتي شجعته على ترك الجامعة والعمل في الرسم كمهنة، فترك الجامعة في عام 1927.
حياة دكتور سوس العملية المبكرة
عاد جيزل إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وبدأ على الفور في تقديم الكتابات والرسومات معتمدًا على خبرته التي اكتسبها في أوروبا، وتم نشر أول رسم كاريكاتر له في عام 1927 في صحيفة “The Saturday Evening”، وهو أول عمل يُنشر بتوقيعه بالاسم المستعار “دكتور جيزل سوس”.
بعد ذلك بدأ سوس عمله في مجلة “Judge” الاسبوعية في نيويورك، بعد غلق المجلة تم استئجار شركة “جيزل” من قِبل إحدى الشركات لرسم إعلاناتها، وكانت هذه الشركة هي شركة “Flit Household Spray”؛ تعمل في صناعة مبيد حشري مشهور، وقتها كان جيزل قد أصبح مشهورًا للغاية على المستوى الوطني، وأمضى دكتور سوس 15 عام من حياته في مجال الإعلانات.
تزامن مع عمله في ذلك الوقت، عرض مقدم من “Viking Press” لصالح جيزل، وكان العرض بهدف إقامة عقد لصناعة مجموعة من قصص الأطفال تُسمى “Boners”، ولكن هذه المجموعة لم تلقى نجاحًا، ورغم ذلك كانت هذه هي بداية دكتور جيزل سوس في أدب الأطفال، ولكن سرعان ما اشتعلت الحرب العالمية الثانية، فساهم جيزل برسوم كاريكاتورية سياسية ليتم نشرها إسبوعيًا آنذاك في المجلة الليبرالية “Pm Magazine”.
أعمال دكتور سوس أثناء الحرب العالمية الثانية
كانت الرسوم السياسية التي قدمها دكتور جيزل سوس لمجلة “Pm” قد لاقت انتشار واسع وقبول كبير؛ حيث التحق دكتور سوس على إثرها بالجيش الأمريكي في عام 1942، وعمل في قسم المعلومات والتعليم الخاص بالجيش، وقد تأهل للعمل مع المخرج “فرانك كابرا”؛ الذي قد حصل على جائزة الأوسكار، مما أكسبه خبرة كبيرة جعلته يكتب بعد ذلك العديد من الأفلام التدريبية للجيش، ونال عليها وسام الاستحقاق، وقد كثف جهوده في فترة انضمامه للجيش في رسم ملصقات الوزراة ومجلس الإنتاج الحربى، وفي عام 1943 تم تعيين جيزل كقائد لقسم الرسوم المتحركة في الوحدة الأولى للصور المتحركة في الجيش الأمريكي.
أعمال دكتور سوس ومؤلفاته
الكتب
بعد انتهاء الحرب قرر جيزل أن ينعزل عن الناس ليُكرس وقته من أجل الكتابة، فاشترى برج مراقبة قديم في لا جولا بولاية كاليفورنيا، وبدأ الكتابة بشكل مكثف؛ حيث كان يكتب لثمانِ ساعات يوميًا على الأقل مع فترات قصيرة من الراحة، وتميز دكتور سوس بأسلوبه البسيط ومفرداته المتجددة وبأسلوبه الواضح وتفاصيله التي لا يمكن أن تمل منها، نشر دكتور سوس على مدار حياته المهنية أكثر من 60 كتابًا، لاقى الكثير منها شهرة واسعة، ومن أهم أعماله:
1- كتاب “Dr. Seuss’ First Book”
رغم أن هذا الكتاب تم رفضه أكثر من 27 مرة من قبل الموزعين ودور النشر؛ إلا أنه حاز على شهرة كبيرة بعد أن قامت “Vanguard Press” بنشره في عام 1937.
2- كتاب “Horton Hears a Who!”
صدر الكتاب عام 1954 وهو من النوع الكلاسيكي الكوميدي، الذي يُعلم الأطفال اللطف والمثابرة من الفيل “هورتون”، ويتميز الكتاب بعبارة شهيرة وهي “الشخص هو الشخص، مهما كان صغيرًا”.
3- كتاب “The Cat in the Hat”
يُعنبر هذا الكتاب واحد من أنجح الكتب التي نشرها دكتور سوس، صدر الكتاب عام 1957، وهو نقطة تحول رئيسية في حياة جيزل المهنية، حيث عزز مكانة دكتور سوس في أدب الأطفال، قد وصف أحد النقاد هذا الكتاب بأنه “قوة كبيرة” في مجال قراءة الأطفال.
4- كتاب “How the Grinch Stole Christmas”
يحكي الكتاب عن حب الجميع لعيد الميلاد ما عدا “غرينش”، الذي عاش لمدة 53 عامًا في كهف على جانب جبل يقع في شمال مدينة “هو فيل”، وتم نشر الكتاب عام 1957، وحقق الكتاب نجاحًا ضخمًا في الخمسينيات والستينيات، ولكنه أصبح من الأعمال الكلاسيكية.
5- كتاب “One Fish Two Fish Red Fish Blue Fish”
يتناول هذا الكتاب حبكة من حبكات دكتور جيزل البسيطة والمحبوبة، التي تدور حول مغامرات صبي وفتاة وفريقهم المكون من أصدقائهم من الحيوانات الأليفة، مثل”Yink” الغامض الذي يشرب الحبر الوردي.
الأفلام
بسبب شهرة الكتب التي ألفها دكتور سوس، تم تحويل العديد منها إلى أفلام رسوم متحركة خلال حياته وحتى بعد وفاته.
1- The Grinch Who Stole Christmas
تم تحويل هذا الكتاب في عام 1966 كرسوم كاريكاتير مُصممة للتليفزيون، قد تم تعديل الكتاب مرة أخرى في عام 2000، وتم إصدار الفيلم مرة أخرى وكان من إخراج “رون هوارد”.
2- Horton Hears a Who!
تم إصدار الكتاب كفيلم رسوم متحركة من بطولة “جيم كاري” في عام 2008.
3- The Lorax
في عام 2012، وصل فيلم الرسوم المتحركة “The lorax” إلى المسارح وقدحاز نجاح كبير.
جوائز حصل عليها دكتور سوس
حصل دكتور سوس على سبع درجات من الدكتوراه الفخرية، وجائزة بوليتزر عام 1984، وميداليات كالديكوت الفخرية، كما أنه قد نال جائزة الأوسكار، وثلاث جوائز إيمي، وثلاثة جرامي.
وفاة دكتور سوس
تُوفيَّ دكتور سوس عام 1991 عن عمر يُناهز 87 عامًا، بعد إصابته بسرطان الحلق، وكانت آخر أعماله قبل وفاته كتاب “Oh, the Places You’ll Go” الذي صدر عام 1990، وقد حقق مبيعات ضخمة، واحتل مرتبة متقدمة على قائمة أفضل الكتب مبيعًا وفقًا لنيويورك تايمز لأكثر من عامين، ورغم وفاة الدكتور سوس منذ عقود إلا أن كُتبه ما زالت مشهورة ومحبوبة لدى الجميع، وأصبحت قصصه ومؤلفاته من الكلاسيكيات التي يميل الجميع لقراءتها أو مشاهدتها في العطلات، ترك دكتور سوس بصمة واضحة ومميزة في أدب الأطفال.