على الرغم من انتشار جائحة كورونا في العالم، واتخاذ التدابير الاحترازية المكثفة، وفرض الحظر أغلب ساعات اليوم، إلا أن الإحصائيات -وفقًا لتقارير منظمة الصحة العالمية– تُشير إلى ارتفاع معدلات الوفاة بسبب حالات وفاة المشاة في أمريكا أو وفيات حوداث الطرق، فتتزايد أعداد الوفيات حتى وصلت إلى 1.3 مليون شخص سنويًا.
وقد حددت الأمم المتحدة هدفًا واضحًا؛ وهو العمل على خفض معدل حالات وفاة المشاة في أمريكا والعالم كله، نظرًا لما تتسبب فيه هذه الحوادث من كوارث على جميع المستويات، سواء الخسائر الاقتصادية للأفراد وأسرهم أو حسائر عل مستوى الدولة من تكلفة العلاج، فتتحمل الدولة نفقات سنوية لعلاج مصابي الحوادث والمعاقين بنسبة 3% من ناتجها المحلي الإجمالي، فقد وصلت معدلات حالة الوفاة في الولايات المتحدة الأمريكية عام 2020 إلى 2957 حالة وفاة، فما هي الأسباب والعوامل؟
من هي الفئة الأكثر عُرضة للخطر؟
وفقًا للإحصائيات المُعلنة في عام 2020، فإن أكثر من نصف الوفيات الناجمة عن حوادث المرور تكون لراكبي الدراجات النارية والهوائية، ويُذكر أيضًا أن أكثر من 90% من وفيات الطرق تحدث في البلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط، كما أن حوادث الطرق تتسبب في وفيات العدد الأكبر للأطفال والشباب في أعمار تتراوح بين الـ 5 و 25 عام، وبسبب الحماس والعنفوان في فترة الشباب، فإن معدلات حلاة وفاة المُشاة في أمريكا تتركز في الذكور أكثر من الإناث، حيث تصل إلى ثلاثة أضعاف معدلات الإناث، وحوالي 73% من إجمالي معدلات حالات وفاة المشاة في أمريكا.
ما هي عوامل ارتفاع معدل وفيات المشاة في أمريكا؟
1- السرعة
كسر السائقين لمتوسط السرعة المُحدد على الطريق واحد من أهم العوامل التي تسببت في ارتفاع معدلات حالة وفاة المشاة في أمريكا. حيث يؤدي ارتفاع السرعة بنسبة 1% عن المتوسط، إلى زيادة مخاطر الاصطدام المميت بنسبة 4%، وزيادة مخاطر الاصطدام البسيط بنسبة 3%، وترتفع نسبة مخاطر وفاة ركاب السيارة إلى 85%، وبالتالي فإن السرعة الزائدة تُسبب الخطورة على حياة كلًا من الطرفين؛ سواء المُشاة أو السائقين.
2- عدم التركيز والتشتت
بعد انتشار الهواتف المحمولة بشكل كبير جدًا في حياتنا اليومية، أصبح الجميع يستخدمها بشكل مستمر، حتى وإن كان يقود سيارته على الطرق السريعة أو حتى لمسافات بعيدة، ولا شك في أن استخدام الهواتف أثناء القيادة يؤدي إلى تشتت العقل وفقدان التركيز، مما يجعلهم أكثر عُرضه للحوادث بحوالي 4 مرات عن غيرهم ممن لا يستخدمونها، ففقدان التركيز والتشتت الناتجان عن استخدام الهواتف لا يقف عند هذا الحد بل يجعل السائق يجهل التصرف الصحيح إذا ما تعرض لحادث، مما يصعب عليه البقاء في المسار الصحيح.
3- السيارات الغير الآمنة
ينقسم هذا العامل إلى قسمين:
أولًا: نظام الأمن المُتبع في صناعة السيارات
حيث أعدت الأمم المتحدة مجموعة من اللوائح بشأن سلامة السيارات، والتي من المفترض أن يتم تنفيذها على خطوط الإنتاج لإنقاذ العديد من الأرواح، أهم ما تشتمل عليه هذه اللوائح هو الحرص على وضع الصدمات الأمامية والجانبية، ووضع نظام التحكم الإلكتروني، والوسائد الهوائية وأحزمة المقاعد؛ لتُقلل من سرعة السيارة وانحرافها وإنقاذ المُشاة والسائق.
ثانيًا سيارات الدفع الرباعي
جاءت التقارير المُعدة لبيان أسباب ارتفاع معدلات حالات وفاة المُشاة في أمريكا، إلى اتجاه عدد كبير من السائقين إلى السيارات الخفيفة وسيارات الدفع الرباعي، وعليها فإن نسبة 69% من حوادث السيارات كانت بسبب هذا النوع من السيارات، فيُشكل تصميم سيارات الدفع الرباعي تهديدًا كبيرًا للمشاة؛ بسبب واجهتها الأمامية الكبيرة التي قد تتلامس مع أماكن حيوية في جسد الإنسان مما يتسبب في موته فورًا أو في إصابات خطيرة.
4- القيادة تحت تأثير الكحول
تمنع اللوائح والقوانين في كافة دول العالم من القيادة تحت تأثير الكحول، أو أي مادة تجعل عقل الإنسان مُشتت، ويترتب على مخالفة ذلك؛ الوقوع في المخالفات المرورية ودفع مبلغ من المال، وقد يصل الأمر إلى السجن، نظرًا لشدة خطورة الأمر وللمحافظة على أرواح الأبرياء من الموت، ولكن مع انتشار الكحول في الولايات المتحدة وتواجدها في كل الحفلات الرسمية، يُلاحظ هذا الارتفاع في معدل وفيات المشاة.
5- تأخر وصول المُسعفين إلى مكان الحادث
بسبب ما شهده العالم من انتشار فيروس كورونا المُستجد، فقد واجهت أغلب دول العالم نقص في العمالة الطبية في بعض المجالات والأقسام الأخرى، إذ كانت تُكرس كل خدماتها الطبية لمواجهة الفيروس الجديد، وكان هذا سببًا كافيًا لارتفاع معدلات حالات وفاة المُشاة في أمريكا؛ بسبب التأخير المُبالغ فيه لإنقاذ حالات حوادث الطرق وتقديم الرعاية الكافية لهم بالأخص في ظل أزمة كورونا القائمة، ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل عدم وجود أماكن فارغة في الرعايات المركزة للعناية بهم للإصابات الحرجة حيث تم يتم حجز غرف العنايات المشددة في المستشفيات لصالح مرضى كورونا، كل هذه الأسباب جعلت أعداد الوفيات في تزايد مستمر.
6- عدم تطبيق قوانين المرور بحزم
أحد أهم العوامل التي تؤدي إلى مخالفة لوائح الطريق والتهاون في السرعات المُحددة، وبالتالي ارتفاع معدلات حالات وفاة المُشاة في أمريكا؛ هو عدم تطبيق القوانين بجدية وحزم، يجب على الحكومة أن تُراقب تطبيق القوانين والالتزام بقواعد الطريق، مثل: ربط حزام السيارة، القيادة على السرعة المحددة، ارتداء الخوذات، والأحزمة الخاصة بالأطفال، وما إن تم رصد مخالفة لما سبق، فيجب فرض غرامات مالية كبيرة.
7- عوامل متعددة
هناك بعض العوامل الأخرى التي كان لها دور مهم في ارتفاع معدلات حالات وفاة المُشاة في أمريكا، فمثلًا أغلب حالات الوفيات حدثت في الولايات الأكثر اكتظاظًا بالسكان مثل؛ أريزونا وكاليفورنيا وفلوريدا وجورجيا ونيويورك وتسكاس، حيث تخطت نسبة الوفيات فيهم نصف معدلات حالات الوفاة الإجمالية بنسبة 54%، وأيضًا من أحد العوامل هو اتجاه عدد كبير من السكان للمشي في أثناء فترة الليل، ولكن مع انعدام خدمات الطرق والإنارة الكافية، زاد الأمر سوء حيث ازدادت معدلات حالات وفاة المُشاة في أمريكا.
ما هو دور الحكومة للحد من معدلات وفيات المُشاة في أمريكا؟
يمكن للحكومة أن تقوم ببعض الخطوات لتقليل من حوادث الطرق:
– يجب على الحكومة أن تقوم بوضع نظام شامل للمعالجة وسلامة السائقين والمُشاة على الطرق، ويتطلب ذلك مساعدة بعض القطاعات مثل: الشرطة والصحة والنقل؛ لوضع الإجراءات والتنبيهات على الطرق.
– قيام الحكومة بوضع خطة جديدة للبنية التحتية للطرق، وتخطيط الأراضي بشكل سليم عن طريق الإستعانة بالخبراء.
محامو حوادث المُشاة في أمريكا
بعد انتشار حوادث المُشاة في أمريكا، والضرر البالغ الذي يُصيب الأسرة والأفراد، سواء من حالات الوفاة أو العجز أو الإعاقة، والضرر المادي الذي يلحق بهم، أصبح هناك محامين متخصصين في مثل هذه القضايا، للمطالبة بحقوق المجني عليهم ولمساعدة أهلهم وذويهم، فيمكنك اللجوء لهم في حالة الإصابة في حادث أو تريد المساعدة.
أدى تزايد معدلات حالات وفاة المُشاة في أمريكا، في الوقت الذي قلت فيه نسبة استخدام السيارات -بسبب الحظر آنذاك-، إلى صدمة للجهات المسؤولة عن حصر هذه الأعداد، والذي جعل الحكومة تُعيد النظر في الكثير من العوامل التي قد تتسبب في زيادة معدلات الوفيات، لتتجنب هذا الكم من الحوادث والنفقات السنوية، وتقليل أعداد الأبرياء الذين لا ذنب لهم.