آخر تحديث في 23 يوليو, 2022
حدثت ضجة كبيرة من قِبل تلسكوب جيمس ويب في يوم الثلاثاء الموافق 12 يوليو 2022، بعد أن أطلقت وكالة ناسا الأمريكية تلك الصورة البديعة، كاملة الألوان، والأكثر وضوحًا وعمقًا للكون، التي التقطها التلسكوب الأقوى والأكبر في العالم “جيمس ويب” “(JWST)” خليفة ناسا لتلسكوب هابل الفضائي. ظهرت في هذه الصورة الفريدة آلاف المجرات والتي قِيل أنها تشكلت عقب الانفجار العظيم قبل 13 مليار سنة ومن ثم كانت ولادة الكون.
نشرت ناسا هذه الصورة الملونة بعد ستة أشهر من إطلاق تلسكوب جيمس ويب الذي بلغت تكلفته عشرة مليار دولار. وفي تصريح لوسائل الإعلام الأمريكية، قالت فيه أن التلسكوب المطلي بالذهب -جيمس ويب- التقط هذه الصورة أثناء دورانه حول الشمس، على بعد يٌقدر بمليون ونصف المليون كم من كوكب الأرض!
إذا أردت معرفة كيف يعمل هذا تلسكوب جيمس ويب، شاهد هذا الفيديو، وتابع هذا المقال الذي يشرح تطورات صورة الفضاء عير السنين.
تُرى متى كانت أول رحلة لوكالة ناسا للفضاء؟
قبل 60 عامًا انطلقت أول رحلة إلى الفضاء، منذ ذلك الحين، طرنا في الفضاء وسافرنا إلى القمر. خلال هذه العقود الستة تمكن العلماء من اكتشاف الكثير عن الكون.
تطور الرحلة البشرية بالصور عبر الفضاء:
بعد ولادة برنامج الفضاء في أواخر الخمسينيات من القرن الماضي، بدأت صور الفضاء الجذابة بالظهور تدريجيًا. وذلك على الرغم من أن اللقطات المبكرة كانت في الغالب صورًا بالأبيض والأسود، إلا أنها مع ذلك أسطورية لأنها النظرة الأولى التي ساعدتنا ليس فقط علميًا، ولكن فكريًا وفلسفيًا في معرفة علاقة البشرية بكون شاسع بشكل لا يمكن تصوره. يذكر أنه في العام 1957 أطلق أول قمر اصطناعي “سبوتنك“، حينها بدأت البشرية في فتح عين جديدة على الكون.
في 7 أكتوبر 1959 ، امتلك الاتحاد السوفيتي، بفضل النجاح الباهر الذي حققته سبوتنك قبل عامين من هذا التاريخ، الجرأة لإرسال مسبار يسمى لونا 3 إلى الجانب البعيد من القمر وتصوير ما يسمى بـ “الجانب المظلم”، تسببت هذه الصور في إحداث ضجة كبيرة حول العالم بعد أن تم نشرها، رغم أن جودة هذه الصور تعتبر سيئة وفقًا للمعايير الحديثة. تبعت هذه المهمة المهمات الأمريكية والتي أطلق عليها «رينجر7، 8، 9 ».
على الرغم من أن وسائل الإعلام لم تسميها “صورة الفضاء أخرى للقرن” ، فقد كان لها تأثير اجتماعي ضخم وغذت الحركة البيئية في أوائل السبعينيات. كانت رؤية الأرض بدون حدود سياسية بمثابة تغيير ثقافي للعبة. وأوضحت هذه اللقطة أن البشرية تعيش على كرة أرضية صغيرة وهشة المظهر، مقارنة بالفضاء اللامتناهي.
وفي 14 فبراير 1990 ، أطلقت وكالة ناسا للفضاء مركبة فوييجر 1، التي أدفعت وغاصت بين النجوم بسرعة 38000 ميل في الساعة، نظرة على نظامنا الشمسي بعد زيارة كوكب المشتري وزحل. حينها اقترح عالم الفلك كارل ساجان، وهو عضو في فريق التصوير في فوييجر، فكرة توجيه المركبة الفضائية نحو موطنها لإلقاء نظرة أخيرة.
من مسافة 3.7 مليار ميل، بدت الأرض كبقعة زرقاء، وكأنها ذرة من الغبار وهذا تشبيه مناسب بالنظر إلى أن الأرض تساوي 1/300000 من كتلة شمسنا. في تاريخ التصوير الفضائي، لم تكن هناك “نقطة” أكثر عمقًا من أي وقت مضى في آثارها الفلسفية على البشرية كهذه النقطة.
أما في 20 يوليو سنة 1969، أصبح رائد الفضاء الأميركي نيل أرمسترونغ أول شخص من بني البشر تطأ قدمه سطح القمر. حينها قال أرمسترونغ ” هذه ليست إلا خطوة صغيرة لإنسان، ولكنها تشكل قفزة كبيرة للإنسانية”.
حدث أول هبوط لأمريكا على كوكب آخر في 20 يوليو 1976. حينها جعلت وكالة ناسا المسبار يبدأ في إرسال أول صورة بعد 25 ثانية من الهبوط. ومن المفارقات، أن الصورة الأولى من الكوكب الأحمر كانت بالأبيض والأسود، حيث كانت الكاميرا تشير إلى تناثر الصخور. ومع ذلك جذبت هذه الصور انتباه الجميع، سرعان ما تبعت صورة بانوراما صور ملونة. حينها كانت توجد الواقع من قصص الخيال العلمي حول زيارة الكوكب الأحمر.
كوكب الزهرة قريب جدًا من الشمس، والتفكير في الهبوط على سطحه مجازفة كبيرة جدًا، فهو الجحيم ذاته، فالضغط على سطحه يعادل نفس الضغط على عمق نصف ميل في محيطات الأرض أي أكبر من 90 مرة من ضغط الأرض، أما درجة الحرارة فيه فتصل إلى 860 درجة فهرنهايت أي نفس درجة حرارة فرن المطبخ الكهربائي، المفارقة العجيبة أن هذا الكوكب يمتلك نفس مساحة كوكبنا (بلا محيطات) لكنه غير صالح للسكن، يذكر أن معلوماتنا عن هذه الكوكب قليلة جدًا، بمثابة نظرة خاطفة وصغيرة جدًا على مناظره الطبيعية.
الجدير بالإشارة أن السوفييت هم أول من نجح في اكتشاف هذا الكوكب. حيث تمكنوا من إرسال أول مركبة بدون قائد إليه، تمكنت هذه المركبة الفضائية من مقاومة الظروف القاسية على سطح هذا الكوكب، ومكثت فيه 20 دقيقة فقط، لعدم قدرتها على تحمل الحرارة المرتفعة هناك.
بعد أن نجح السوفييت في هذه المحاولة التي سبقتها 6 محاولات فاشلة، تم إرسال 9 رحلات لاستكشاف هذا الكوكب. ومن ثم أرسلت وكالة الفضاء الامريكية ناسا، ووكالة الفضاء الأوروبية العديد من الرحلات إلى هذا الكوكب.
التقطت هذه اللقطة لكوكب زحل وحلقاته في 16 نوفمبر 1980، من مسافة 3 ملايين ميل من زحل. المنظر مذهل بالفعل. يتكون هذا الكوكب من الهيدروجين والهيليوم، تحيط بهذا الكوكب 7 حلقات، يملك كوكب زحل 53 قمر، وغلافه الجوي سميك جدًا. تصنيفه السادس بعد الشمس، ويقع بجوار أورانوس والمشتري، أما عدد ساعات اليوم الواحد فيه فهو 10.7 ساعات. يُذكر أنه بإمكاننا رؤية هذا الكوكب كنقطة ضوء، بالعين المجردة بسهولة.
ماذا عن رأي أرسطو في عالم الفضاء
قديما، اعتقد أرسطو أن الكرة الأرضية ثابتة، وأنها مركز الكون وبالتالي تدور حولها ما تسمى بالأجرام السماوية السبعة التي عرفت في زمنه. لكن عالم الفلك إدوين هابل برهن في القرن الماضي أن الكون يحوي الكثير من المجرات، تتزايد المسافات بين هذه المجرات باستمرار، وكلما بعُدت المجرة كلما زادت سرعتها، وأن الكون يتوسع ويتمدد. ويعتقد العلماء أيضًا أن كوننا ليس الكون الوحيد، بل توجد أكوان أخرى، ربما تكون لا متناهية، تحكم هذه الأكوان قوانين مختلفة. ويظل الكون لغزًا كبيرًا، وأي محاولة لسبر أغواره تثير أسئلة جديدة وعميقة، ليس بمقدورنا الإجابة عليها في الوقت الحالي.
تلسكوب جيمس ويب والضّجة التي أحدثتها صورة الفضاء
لكن السؤال المهم: هل فعلاً تستحق صورة الفضاء التي التقطها تلسكوب جيمس ويب كل هذا الانبهار؟ تباينت ردود الفعل بعد الصور التي التقطها هذا التلسكوب، نتيجة الاختلاف الواضح بين عالمين. سلطت الردود الغربية -باستثناء البعض– الضوء على تمكن الصورالملتقطة مؤخرًا من تزويدنا بصورة أوضح وفهم أعمق لبدايات الكون، وإذا ما كان هناك دليل يثبت إمكانية وجود حياة في مجرات أخرى. لكن ردود الفعل في عالمنا العربي والإسلامي اختلفت بشكل كبير. حيث اعتبروها دليلًا على وجود الله سبحانه وتعالى، ومدى ضعف الإنسان. لكن الغالبية العظمى شككوا من قيمة هذا الاكتشاف.