في ظل توجهات كل الدول الغربية لإلغاء عقوبة الإعدام، ما زال القانون الأمريكي متمسكاً بتطبيق تلك العقوبة في الجرائم الكبيرة التي تستوجب عقاباً رادعاً. في حين أن معظم الأمريكيين يعتقدون بضرورة استمرار تطبيق الإعدام في جرائم القتل على وجه الخصوص، فما زال معظمهم يعتقد أنها لا تقوم بوظيفتها في ردع مرتكبي الجرائم. نعرض أهم الحالات التي تستوجب الإعدام وفقاً لأحكام القانون الأمريكي.
عقوبة الإعدام بين الإلغاء والتطبيق
قامت المحكمة بإلغاء أحكام عقوبة الإعدام في القضية المعروفة باسم فورمان ضد جورجيا عام 1972. ويرجع السبب لأن المحكمة رجدت أن عقوبة الإعدام قاسية، ومبالغ فيها، ويساء استعمالها ضد الأقليات والفقراء من المواطنين، ما تم وصفه بأنه تطبيق غير متساوي لعقوبة الإعدام.
عادت المحكمة مرة أخرى لتطبيق عقوبة الإعدام في القانون الأمريكي عام 1977 في القضية المعروفة باسم “غريغ ضد جورجيا”. وقررت المحكمة العليا الأمريكية أن عقوبة الإعدام يجب أن تُطبق في حالات مخصصة بحيث يكون اختيار العقوبة متناسباً مع مقدار الجرم، وأن يتم مراعاة العدالة في الحكم وعدم التمييز بشكل لا يخرق تنفيذ قانون العقوبات الأمريكي.
جرائم القتل التي تستوجب عقوبة الإعدام
أقرَّ القانون الأمريكي بعد عدة محطات آخرها عام 2006 بتطبيق عقوبة الإعدام عند التسبب في القتل المصحوب بوجود الدافع والنية والعنف الغير مبرر. بذلك نجد أن جريمة القتل من الدرجة الأولى وهي القتل مع سبق الإصرار والترصد تستوجب الإعدام. كذلك فإن حالات الإتجار في المخدرات التي ينجم عنها الوفاة بسبب تناول جرعة زائدة. كذلك يسمح القانون الأمريكي بتطبيق عقوبة الإعدام على مرتكب جريمة القتل المقترنة بسرقة سيارة في تنفيذها لأنها تدل على التخطيط والأذى المتعمد.
الخيانة العظمى والتهديد
تُعتبَر جريمة قتل رئيس الولايات المتحدة الأمريكية من أكبر الجرائم التي تستوجب الإعدام. كذلك يأتي في هذا السياق ثبوت الخيانة العظمى بتسريب معلومات حساسة عن الدولة، أو الفرار أثناء المعركة، أو التجسس. كذلك قد يُعاقَب بالإعدام من يقوم بفعل التهديد أو الاعتداء على المحلفين أو الشهود في القضايا التي تُعرَض أمام القضاء الأمريكي. ولحماية المؤسسات العليا للدولة، يسمح القانون الأمريكي بتنفيذ عقوبة الإعدام على من يقوم باختطاف أو إرهاب أو قتل عضو برلماني في الكونجرس الأمريكي، أو قاضي تابع للمحكمة العليا.
جرائم السرقة وتهديد المواطنين
يقع مرتكب جريمة السرقة تحت طائلة قانون الإعدام في أمريكا عند اقتران السرقة بالاغتصاب أو قتل أحد أفراد الشرطة أثناء قيامه بالخدمة. تقر بعض الولايات الأمريكية الإعدام جراء ارتكاب التعذيب الذي يؤدي إلى الوفاة، وقتل الأطفال تحت سن العاشرة، ومحاولة القيام بتفجير أماكن عامة حتى ولو لم ينتج أي ضحايا عن التفجير. كذلك تفرض بعض الولايات مثل ولاية ميسوري وجورجيا عقوبة الإعدام عند محاولة اختطاف الطائرات.
طريقة تنفيذ حكم الإعدام
كانت تتم عمليات الإعدام قديماً بالكرسي الكهربائي أو الحبس في غرفة الغاز، ولكن حالياً وعقب طرح فكرة الحقنة القاتلة، أصبحت تلك الطريقة هي المعتمدة لتنفيذ حكم الإعدام. يُذكَر أن لكل ولاية قانون خاص بها، وحاليا وافقت معظم الولايات على حقن السجين بجرعة زائدة من مادة كيميائية سامة كإجراء رحيم وسريع لتنفيذ العقوبة دون إحداث ألم للضحية. قبل الإعدام يتم تقديم الخدمات الدينية وآخر وجبة، كما يختار السجين من يمكنه أن يحضر تنفيذ الحكم. يتم دعوة أصحاب الحق في القضية لمشاهدة تنفيذ الحكم كأحد الحقوق التي يكفلها القانون الأمريكي.
خاتمة
في الوقت الحالي توجد أكثر من 20 ولاية أمريكية استصدرت قانوناً يقضي بإلغاء عقوبة الإعدام، على أن تكون أقصى عقوبة هي السجن مدى الحياة دون قابلية للتخفيض. ويُعَد هذا الملف أحد الملفات السياسية الهامة على الساحة الأمريكية في بقية الولايات.
اقرأ أيضاً: