الحياة في أمريكا

الطلاق في أمريكا .. كيف تسبب في تغيير قائمة أغنياء العالم؟

قوانين الطلاق في أمريكا

بعد زواج دام 27 عامًا وبدون أية مقدمات حدث الطلاق الأشهر في العقد الأخير، وهو طلاق ميلندا غيتس من زوجها مؤسس شركة مايكروسوفت وأغنى رابع رجل في العالم وقتها بيل غيتس. لم يمر هذا الطلاق في أمريكا مرور الكرام على ثروة غيتس، بل تراجعت ثروة بيل وصار خامس أغنى رجل بالعالم كنتيجة لتسوية الطلاق، ووصلت ثروة ميلندا غيتس بعد الطلاق إلى 5.4 مليار دولار.

لم يسدل الستار حتى الآن عن السبب الحقيقي لذلك الطلاق المثير للجدل، ولكنها ليست بقضيتنا اليوم. ولا يتوارى عنا مدى صعوبة مرحلة الطلاق على الطرفين، ولكن ليست كل العلاقات متكاملة بل أحيانًا يصير الطلاق هو الحل الأمثل في بعض المواقف.

ولكن كيف هي الأوضاع بالنسبة إلى قانون الطلاق في أمريكا؟ وكيف تسير أمور الطلاق هناك؟ وما هي الاختلافات في قانون الطلاق بالولايات المختلفة؟

الطلاق في أمريكا

ربما لم يعد للطلاق وصمة عار كما كان الوضع عليه قبل عدة سنوات، ولكن يظل الطلاق أمرًا حساسًا في الولايات المتحدة الأمريكية بالنسبة لكثير من الأمريكيين. ويبلغ متوسط مدة الزواج في الولايات المتحدة 11 عامًا فقط، كما ارتفعت حالات الطلاق بالنسبة لما كانت عليه في القرن العشرين، إذ وصلت نسبة الطلاق في أمريكا إلى 53% بالنسبة لمعدلات الزواج.

قانون الطلاق قبل الاستقلال

قبل أن تتأسس الولايات المتحدة التي نعرفها الآن كان الطلاق من المواضيع المطروحة على الساحة وبشكل كبير، وقد كان قانون الطلاق وقتها يمنح فقط في حالات مثل الزنا أو الهجر أو زواج الرجل من امرأتين. وقد كانت تلك المستعمرات في الشمال أكثر انفتاحًا من نظيرتها في الجنوب، إذ حاولت المستعمرات في الجنوب منع الطلاق من الأساس.

كانت المشاكل التي تعاني منها المرأة في ذلك الوقت هو التمثيل القانوني في الأساس، وبالتالي كان من الصعب على المرأة المطالبة بملكية الأصول أو الممتلكات ولم يكن لها الحق في البيع أو التصرف فيها أو حتى الاحتفاظ بأجورها الخاصة.

 قانون الطلاق في ظل تطور حقوق المرأة

قوانين الطلاق في أمريكا

لم يكن للمرأة الأمريكية المتزوجة الحق في الامتلاك، وقبل الزواج لم يكن لها أيضًا الحق في السيطرة على ممتلكاتها بل كان المذهب القانوني المستخدم هو “في ظل الزوج”، وبالتالي كانت الزوجة فاقدة لوجودها القانوني. ولكن في عام 1848 وبعد نضال طويل للغاية من الحركات النسوية والمجموعات الداعمة لحقوق المرأة استطاعت المرأة الأمريكية أخيرًا أن يكون لها الحق في التملك.

أعطى القانون الصادر بعام 1848 حق المرأة المتزوجة في السيطرة على الممتلكات العقارية وحدها دون تدخل الزوج، وبالتالي ضمن للمرأة الأمريكية حقوقها في التصرف في أملاكها بعد الطلاق.

الطلاق في أمريكا أوائل القرن العشرين

بدأت حالات الطلاق في زيادة مستمرة في أمريكا مع بدايات القرن العشرين، وبدأ الكونجرس في الاجتماع في محاولة لحل تلك المشكلة  الحديثة، وفي عام 1903 عُقد مؤتمر مشترك بين الكنائس في محاولة لاستخدام الدين في التوعية ضد الطلاق.

لم تنجح محاولات التخلص من معدلات الزيادة في الطلاق أو حتى تحجيمها ولو بصورة بسيطة، وكان السبب الرئيسي في ذلك هو تغير وجهة النظر الأخلاقية للمجتمع نحو الطلاق، وخصوصًا مع نشاط الحركات النسوية في المجتمع، واكتسب الطلاق رواجًا أكثر.

محكمة الأسرة في أمريكا

تعد الولايات المتحدة هي أول دولة في العالم تتجه نحو إنشاء محكمة الأسرة، إذ أسست الولايات المتحدة محكمة الأسرة في عام 1910 وكانت تسمى محكمة العلاقات الأسرية، وتعد محكمة الأسرة من ضمن المحاكم الابتدائية ذات التخصص القضائي المحدود، وعادة ما يترأس المحكم قاض واحد فقط وبدن هيئة محلفين.

لم تضطر الأسر إلى اللجوء للمحاكم التقليدية بعد إنشاء محكمة الأسرة، ومع العديد من التغيرات في الأوراق القضائية والقانونية بدأت شركات المحاماة المتخصصة في الطلاق في الظهور إلى النور وسرعان ما انتشرت في جميع المدن الأمريكية تقريبًا.

التغيير الأكبر في قانون الطلاق

ظهر أكبر تغيير في قانون الطلاق في أمريكا في سبعينات القرن الماضي، حيث تم تمرير قانون للطلاق يتيح الطلاق بدون علل أو دون وقوع خطأ مثل الزنا. وقد قادت ولاية كاليفورنيا الطريق نحو هذا التغيير بدايةً من عام 1969 وتبعتها الولايات الأخرى في السبعينات، والجدير بالذكر أن ذلك القانون الجديد قد أهمل قضية حضانة الأطفال بعد الطلاق.

قانون الطلاق في أمريكا الآن

أما عن قانون الطلاق في أمريكا في أيامنا تلك فهو بالطبع مختلف عن مما كان عليه قديمًا بعد مروره بكثير من التطورات والتعديلات، ويخضع قانون الطلاق لقوانين الولاية وليس لقانون فيدرالي، وتحكم قوانين الطلاق بالولاية المقيم فيها الزوجان وليس قوانين الولاية التي تزوجا فيها.

تفرض جميع الولايات الأمريكية حد أدني من وقت الإقامة لتقديم طلب للطلاق، وأقصر مدة تبلغ ستة أسابيع بولايات أيداهو ونيفادا، وتسمح جميع الولايات بالطلاق بدون أسباب مثل الزنا أو الهجر، وتفرض بعض الولايات فترة انفصال قبل الطلاق في حالة عدم إبداء أسباب، وتسمح جميع الولايات بالطلاق من طرف واحد ما عدا ولايات مسيسيبي وساوث داكوتا وتينيسي.

تحاول بعض الولايات الأمريكية من الحد من حالات الطلاق، فعلى سبيل المثال قد يُطلب من بعض الأزواج الخضوع للاستشارة من قبل متخصصين قبل الطلاق -في محاولة من الولاية لإنقاذ الزواج-.

أسباب الطلاق في القانون الأمريكي

يتم الطلاق في المحاكم الأمريكية بالاعتماد على عدم وجود خطأ أو طلاق لوقوع لخطأ، ويتجه البعض إلى الطلاق لوقوع خطأ، إذ يقلل من فترة الانتظار ويؤثر على قرار المحكمة بخصوص القرارات المتعلقة بالطلاق مثل حضانة الأطفال أو النفقة.

أما عن الطلاق لعدم وجود خطأ لا يتطلب فيه من أي من الطرفين أي إثبات أو أدلة لعدم وقوع خطأ من الأساس، ويعد السبب الأساسي في الطلاق لعدم وجود خطأ هي عدم التوافق وانهيار الزواج بلا أمل في إصلاحه.

قانون التوزيع العادل وعائلة غيتس

تقسيم الثروة عند الطلاق في أمريكا

ومن تبعات الطلاق في أمريكا هو تقسيم الأصول والممتلكات بين الزوجين وهو السبب الرئيسي في خسارة بيل غيتس مركزًا ضمن الأغنى في العالم. وتختلف قواعد التقسيم من ولاية لأخرى تمامًا كبعض الاختلافات في قانون الطلاق، وتعمل الولايات الأمريكية بنظامين وهما الملكية الاجتماعية أو الملكية المشتركة.

الملكية الاجتماعية

في نظام الملكية الاجتماعية يتم تقسيم جميع الممتلكات و الأصول إلى النصف، مع الأخذ بالاعتبار أن الممتلكات المملوكة لأحد الزوجين قبل الزواج بالإضافة إلى الهدايا والميراث أثناء الزواج هي ملكية منفصلة للزوج أو الزوجة في حالة الطلاق، أما المكتسبات الأخرى أثناء الزواج تقسم بالتساوي.

في بعض الولايات يصل الأمر باعتبار الدرجات العلمية من المكتسبات أثناء الزواج في حالة حصول الزوج أو الزوجة عليها أثناء الزواج بالطبع، وقد يضطر الطرف الحاصل على تلك الدرجة في دفع حصة من أرباح المستقبلية المتوقعة إلى الشريك الأخر.

يُعمل بهذا النظام في الولايات أريزونا وليداهو وكاليفورنيا ولويزيانا ونيو مكسيكو ونيفادا وتكساس وويسكونسن وواشنطن، بينما تمنح ألاسكا خيار إنشاء الملكية الاجتماعية باتفاق مكتوب من الطرفين.

الملكية المشتركة  

أما عن نظام الملكية المشتركة فيتم فيه التوزيع بالعدل لا بالنصف، أي يمكن للقاضي أن يحدد لأحد الطرفين ما يقل أو يزيد عن النصف من ممتلكات الطرف الآخر، ويُعمل بهذا النظام في باقي الولايات الأمريكية.

مر قانون الطلاق في أمريكا بتطورات عديدة وتغيرت مع السنين النظرة الاجتماعية تجاه الطلاق، ولكن ما زال هناك الكثير يجب فعله إيذاء تلك القوانين وخصوصًا في حالات حضانة الأطفال وقوانين التوزيع العادل للممتلكات.

شارك المقال مع أصدقائك!