إن التراجع عن الخطأ هو أحد أهم الصفات التي يتمتع بها الأشخاص الذين يسعون للنجاح في حياتهم. فقد يظن البعض أن التراجع عن الخطأ هو ضعف وعجز، لكن الحقيقة هي أنه يعد قوة وإرادة قوية تساهم في تحقيق الأهداف بشكل أفضل وأكثر فعالية. في هذا المقال، سوف نتحدث عن أهمية التراجع عن الخطأ في حياتنا بشكل عام، فتابع معنا!
التراجع عن الخطأ ليس ضعف!
خلق الله تعالى الخلق ثم فضل آدم عليه السلام وذريته من بين الخلائق كلهم ثم اصطفى منهم الرسل والأنبياء على سائر الناس ثم رفع مكانة الصالحين منهم إلى الولاية ومنهم العُباد والزهاد والعلماء والفقهاء الربانيين ثم رفع درجة بعض الناس على بعض حسب الطاعة لكل واحد منهم وصدقهم في التوبة وإخلاصهم لله ولو عدنا إلى قصص الأنبياء والرسل عليهم السلام لوجدناهم أول الناس توبة بل بقوة صدقهم مع الله عز وجل واعترافهم بالذنب والخطيئة وسرعة الإصلاح والتراجع عن الخطأ كان سببا من أسباب نيلهم تاج النبوة.
الكثير منا يعلم أنه على خطأ ويُصرُ عليه وهناك منهم من يراه أمر عادي وليس بخطأ، بل هناك منهم من يعتبر أن التراجع عن الخطأ ضُعف في الإنسان وهذا التفكير في حد ذاته خطأ آخر لأنه مخطئ بتأويله المصطلح الحقيقي له فالتراجع عن الخطأ مبدأ التوبة وقوة إضافية في قلب المسلم الصالح فكم رأينا من عالم أفتى بفتوى من اجتهاده ولما رأى الصواب في غيرها تراجع عن فتواه مباشرة فهذه هي أخلاق المسلمين التي يجب أن يتصف بها كل واحد منا لأن الإعتراف بالخطأ يفتح لك بابا للتوبة مباشرة فإبليس كان يعلم أنه مخطئ وبعناده جلب لنفسه اللعنة من رب العزة والجلالة فهل نفعه جهله وتكبره وكفره؟ طبعًا لا!
عواقب عدم التراجع عن الخطأ والابقاء على العناد
التراجع عن الخطأ ليس بضعف ولا عيبا أبدا فكل البشر مخطئون وخيرهم من أسرع إلى التوبة وإصلاح نفسه بجهاده فيها فالإنسان يسهوا وينسى، لكن ما فعله من ذنب لا يُمحى إلا بالتوبة والإعتراف بالذنب في دعائك لله عز وجل هذا فيما بينك وبين الله، أما فيما بينك وبين الناس فهذا أمر آخر لأنه يحتاج إصلاح ما أفسده ذنبك بإرجاع الحقوق لأهلها سواء كانت أموالا أو من الممتلكات عامة أو خاصة والإعتراف بالخطأ وأنك نادم تعتذر من الذي أخطأت في حقه اليوم قبل الغد وقبل موعد الرحيل والفراق فلا ينفع الندم حين إذن بعدها فهناك أخطاء تحولت إلى عناد فأصبحت ظلالات وبدع ومنكرات سواء كانت في العبادات أو العادات فليس هناك خطأ إلا وله صواب مقابلة له المثل بالمثل فالحياة نعيش فيها مرة واحدة ثم نسافر بلا عودة لها ولو كانت لنا فيها عودة بعد أن رأينا ما رأينا لأصلحنا أخطاء الحياة كلها في يوم واحد فالغفلة هي أكبر ضُعف في الإنسان والفطنة هي أكبر قوة فيه فيجب إستغلالها جيدا فهي نقطة قوة الرجوع للحق والصواب فتغير لنا النظرة والتفكير من واقع مجهول ومنعدم للزوال إلى المستقبل الحقيقي الدائم والأفضل.
الأخطاء بحق نفسنا هي من أصعب الأخطاء التي نقوم بها
من أصعب الأخطاء التي قد يغفل عنها الكثير من الناس اليوم هي الأخطاء التي نرتكبها في حق أنفسنا فلا نعطي قيمة للنعم التي أنعمها الله عز وجل علينا إلا بعد أن نفتقدها، فإذا فقدناها حين إذن يكون الوقت ليس في صالحنا لنتدارك الأمر بعدها.
لهذا علينا أن نحمد الله عز وجل على كل نعمة أنعمها علينا سبحانه وتعالى في هذه الدنيا فتكون بركة من الله فيزيدنا نعم أخرى غيرها، فهناك من يتجاهل هذه النعم ومنها نعمة السمع والبصر والعافية ومنها أيضا نعمة الأمن والإستقرار والأهل والحرية…إلخ.
وأعظم هذه النعم هي نعمة الإسلام والسُنة ونعمة العقل والنعم كثيرة لانستطيع أن نحصيها، وقد تختلف من شخص لآخر فلا تتجاهلها وتُخطئ في حق نفسك فتصبح من دونها فتضيع ما تملكه في رمشة عين فكم من شيخ تمنى أن يعود إلى فترة الشباب من أجل أن يحافظ على صحته ولا يلقي بها إلى التهلكة أو الضياع كما يفعل بعض شبابنا اليوم يعيشون في عالم المخدرات والمهلوسات دمروا شبابهم وحطموا مستقبلهم بأيديهم فهناك من دخل السجن بسبب هذه المتاهات والأخطاء والله المستعان.
بقلم شعيب ناصري من الجزائر