في الثاني من أكتوبر لعام 1492 وصل الرحالة كريستوفر كولومبوس إلى الأمريكتين، ولتطأ قدماه الأرض الجديدة وليكون أول من يصل إلى ما لم يصل قبله قط، وهناك الكثير من تضارب المعلومات حول أول من وصل إلى تلك الأراضي الجديدة بالفعل، فالبعض يدعي أن الفينيقين هم أول من وصلوا إلى هناك، والبعض يقول الصينيين والعديد من الروايات المختلفة، ومن أهم تلك النظريات حول من اكتشف الأمريكتين:
الصينيين والمصريين القدماء
هناك بعض الآراء حول أنه كان هناك علاقات بين مصر القديمة والأمريكيتين، حيث يعتقد البعض أن المصريين هم أول من وصلوا إلى تلك الأراضي البعيدة، واستند الكثير إلى وجود تشابه بين القوقازيين والزنوج المنحوتين في بعض الآثار الموجودة على الأراضي الأمريكية.
يعتقد البعض أيضًا أن الصينيين هم أول من وصلوا إلى تلك البلاد البعيدة قبل ألف عام من الميلاد، ويثبت البعض ذلك بسبب وجود تشابه كبير بين الثقافة الصينية وثقافة السكان الأصليين لأمريكا، وبالإضافة إلى ذلك يدعي البعض وجود إثباتات حول أن الصينيين وصلوا إلى هناك قبل سبعين عام من وصول الرحالة كولومبوس.
الأمير مادوك
تعد نظرية الأمير مادوك أحد النظريات المنتشرة بخصوص اكتشاف الأمريكتين، فالأمير مادوك هو أمير ويلزي وهو ابن غير شرعي للملك جوينيد، وبعد وفاة الملك لم يدخل مادوك في صراع مع اخوته حول العرش، وقرر مادوك وبمصاحبة اخوه رايدر في البدء برحلة استكشافية وانطلقا من الساحل الشمالي للبلاد.
توجه مادوك وأخوه نحو الغرب، وترجح بعض المعلومات أنهم قد وصلوا منطقة ألاباما والواقعة حاليًا في الولايات المتحدة الأمريكية، ومن ثم رجع الأخوين إلى ويلز مرة أخرى في محاولة لإقناع أهل ويلز في السفر معه نحو تلك البلاد الجديدة. وبالفعل في عام 1171 خرجت بعثة من ويلز نحو الأمريكتين ولكن لا نعرف حقيقة ما حدث للبعثة، ولكن استنتج البعض وصولهم إلى خليج موبايل حيث وجود حصون مبنية عند نهر ألاباما تشبه قلعة دولويديلان الويلزية.
السوليوترية
تفسر نظرية السوليوترية وصول السكان الأوائل للأمريكتين، وتوضح تلك النظرية أن البشر قد صنعوا أسلحة بأشكال ومواصفات معينة قبل نحو 13,500 عام، وقد كانت تلك الأسلحة على شكل رمح مسطح دقيق، وتم العثور على تلك الأسلحة في أماكن عدة في الأمريكتين.
تشبه الأسلحة التي وجدت في الأمريكتين تلك الأسلحة التي صنعت في جنوب فرنسا وأسبانيا خلال فترة العصر الحجري، وبالتالي استنتج البعض عبور الكثير من هنالك إلى الأمريكتين عبر المحيط الأطلسي خلال تلك الفترة وليكونوا أول من اكتشف تلك الأراضي الجديدة.
كولومبوس نحو العالم الجديد
هناك عدة أسباب دفعت الرحالة كولومبوس إلى التوجه نحو الغرب واكتشاف عالم جديد ومن أبرزها فكر كولومبس الكاثوليكي، إذ كان يسعى إلى نشر الكاثوليكية والتبشير بها في طريق أخر بعيدًا عن البلاد التي تعبر بلاد المسلمين، وبالطبع كان يطمح كولومبوس للشهرة والثراء، وكان يريد أن يثبت أن الأرض كروية حيث كان يريد الذهاب إلى شبه القارة الهندية الواقعة في الشرق عن طريق الإبحار إليها من الغرب.
الاستعداد للرحلة
اعتمد كولومبووس في رحلته على أحدث خارطتين في عصره وهما خارطة للعالم باولو توسكانيلي وأخرى للألماني مارتين بيكهام، وبدأ كولومبوس بالشروع في الاستعدادات لرحلته للعالم الجديد حيث خاطب مستشار الملك البرتغالي لإقناعه بإمكانيته إثبات كروية الأرض بالإضافة إلى رغبته في افتتاح طريق بحري جديد ويمر ذلك الطريق الجديد بالجزر البرتغالية.
في أبريل من عام 1492 استطاع كولومبوس إبرام اتفاقية مع الملوك الإسبان، واعترفت تلك الاتفاقية بكريستوفر كولومبوس كمكتشف للقارات والجزر الجديدة في البحار والمحيطات، وأعطت تلك الاتفاقية رتبة أمير البحار للرحالة كولومبوس وبالتالي سيحصل على نسبة عشرة في المئة من الذهب أو البضائع التي سيجلبها عند رجوعه من رحلته.
الانطلاق نحو عالم جديد
انطلق كولومبوس ومعه ثلاثة سفن وهم سفينة سانت ماريا وسفينة بينتا وسفينة نينا، وقد كانت سفينة سانت ماريا أكبر السفن في عدد الطاقم إذ كان عدد طاقمها 84 بحارًا بينما كانت سفينة بينتا تحمل 65 قبطانًا وكانت سفينة نينا تحمل 40 بحاراً.
بدأت السفن في الانطلاق نحو مهمتها الاستكشافية واستطاعت في الثاني عشر من أكتوبر من عام 1492 اكتشاف جزر سان سلفادور والتي تسمي في يومنا هذا باسم جزر البهاما، واستطاعت السفن بعد ذلك الوصول إلى كوبا، وفي ديسمبر عادت السفينتان بينتا ونينا إلى أسبانيا مرة أخرى ووصلت إلى الأراضي الأسبانية في مارس من عام 1493.
أرض جديدة وسماء جديدة وأُناس جدد
تمكن كولومبوس من الوفاء بوعده إذ استطاع اكتشاف جزر جديدة واحضر كميات كبيرة من الذهب إلى ملك أسبانيا، وجهز كولومبوس رحلة أخرى نحو تلك الأراضي البعيدة تضمنت سبعة عشر سفينة تحمل أكثر من ألف وخمسمائة بحار وكانت السفن مزودة بمؤن تكفي حاجة الطاقم لمدة تزيد عن ستة أشهر، واستطاع كولومبوس اكتشاف العديد من الجزر ولكنه استمر في المواصلة سعيًا منه في الوصول إلى الهند.
لم يستطع كولومبوس الوصول إلى الهند ولكن وصل إلى أراضٍ جديدة ووصلت سفن الرحالة كولومبوس إلى جامايكا واستطاع اكتشاف العديد من الجزر الشرقية للقارة الأمريكية وشاهد كولومبوس شعوب تلك الأرض الجديدة أيضًا، وادعى كولومبوس أنه قد رأى أثارًا أفريقية في تلك الأراضي الجديدة.
السكان الأصليين
قبل اكتشاف كولومبوس لتلك الأراضي الجديدة كان هناك أُناس يسكنون تلك الأراضي بالفعل وسماهم كولومبوس باسم الهنود في بادئ الأمر حيث ظن أنه قد وصل إلى الهند الشرقية عندما وصل إلى أمريكا ويُطلق عليهم الآن الهنود الحمر، وقد كان في أمريكا شمالية في ذلك الوقت قبل الاستعمار الأوروبي العديد من قبائل السكان الأصليين.
استخدم السكان الأصليون النحاس في صنع أدواتهم عن طريق الطرق عليه ساخنًا كان أو بارداً إذ لم يعرفوا طريقة صهر النحاس ولا كيفية صبه كما كان متبعًا منذ 1500 قبل الميلاد في حضارات العالم القديم، وعمل البعض من الهنود في الصيد بالبر والبحر وخصوصًا في منطقة البحيرات الكبرى والتي تقع بكندا.
سيطرة الرجل الأبيض
عندما بدأ الاستعمار الأوروبي لأمريكا في القرن الخامس عشر الميلادي واجه الهنود تحديات كبيرة ضد المحتل الأبيض، وبالرغم من ذلك حاول البعض من الهنود التعايش مع الأوربيين وبدأ البعض في التجارة معاهم، إلا وأن الرجل الأبيض لم يرد الإحسان بالإحسان وشرع في الاستيلاء على الأراضي الأمريكية وعمل على إبادة السكان الأصليين وأبادوا قبائل كاملة مثل قبيلتي موهوك وشيروكي.
أما عن السكان الأصليين الذين كانوا في كندا فقد قدرت أعدادهم بحوالي التسعين مليون إنسانًا ويصل عددهم في يومنا هذا إلى 1.2 مليون نسمة فقط، إذ استخدم المحتل الأوروبي الأمراض كوسيلة للحرب وساهموا في نقل أمراض مثل الجدري والحصبة والطاعون، وكانت القوات البريطانية توزع الأغطية الحاملة بتلك الأمراض عمدًا على السكان الأصليين لنشر الأوبئة بينهم.
إن رفرفة جناح فراشة في الصين قد ينتج عنها الأعاصير والفيضانات في أمريكا، وهكذا بدأت رحلة كولومبوس فكانت تلك الرحلة التي طمح إليها كولومبوس للوصول إلى الثراء والشهرة هي السبب في إبادة عرق بالكامل، وهي السبب في موت الآلاف بالقنبلة النووية، وبدون تعصب كولومبوس الكاثوليكي الذي دفعه لتلك الرحلة ما وُجدت الدولة الأقوى في يومنا هذا (الولايات المتحدة الأمريكية).