أوضحت الدراسات التي أجريت حول أعداد المسلمين في أمريكا بأن الديانة الإسلامية تحتل المرتبة الثالثة في أمريكا بعد الديانة المسيحية واليهودية. ويُمارس المسلمون في أمريكا جميع نشاطات حياتهم من تعليم وعمل، ولكن توجد تحديات تواجه بعض المسلمين في أمريكا.
وللمزيد حول هذا الموضوع تابع معنا هذا المقال الوافي، للتعرُف على أماكن تواجد المسلمين في أمريكا وأحوالهم.
أمريكا
نبذة عن أمريكا
تعرف أمريكا رسميًا باسم الولايات المتحدة الأمريكية، وهي جمهورية اتحادية تتألف من خمسين ولاية، نالت استقلالها سنة 1783م بعد حصولها على سيادتها من المملكة المتحدة، وعاصمتها ومركزها السياسي هو واشنطن.
تقع أمريكا في قارة أمريكا الشمالية، وتعد من الدول الكبرى على مستوى العالم، حيث تملك اقتصاد قوي، وتغطي مساحة 9,161,966 كيلومتراً مربعاً من اليابسة، و664,709 كيلومتراً مربعاً من المياه.
وتحتل المرتبة الثالثة كأكبر دولة في العالم من حيث المساحة. إذ تبلغ مساحتها الإجمالية حوالي 9,826,675 كيلومتراً مربعاً، ويحد أمريكا من الغرب المحيط الهادئ، ومن الشرق المحيط الأطلسي، وتحدها كندا على طول الحدود الشمالية، والمكسيك على الحدود الجنوبية. تتميز أمريكا بقوتها في مختلف المجالات سواء من الناحية الاقتصادية أو السياسية أو العسكرية وغيرها.
يبلغ عدد سكان الولايات المتحدة الأمريكية الحالي أكثر من 327 مليون نسمة، وفقاً لدراسة أُجريت في مطلع عام 2018، وهي ثالث أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان بعد الصين والهند، ويمثل سكان أمريكا حوالي 4٪ من مُجمل سكان العالم، وتعد اللغة الإنجليزية اللغة الرسمية في أمريكا والأكثر شيوعاً في البلاد. تتميز أيضًا بحضارتها ومعالمها البارزة والمنتزهات الوطنية والمنتجعات، وبوجود المراكز الإسلامية وبأكبر المساجد في واشنطن وكافة أرجاء أمريكا.
الديانة في أمريكا
يعتنق حوالي 48.9% من السكان الديانة البروتستانتينة المسيحية، و23% الديانة الكاثوليكية، إلى جانب 2.1% الديانة اليهودية، وحوالي 0.8% ديانة الإسلام، و1.8% الديانة المورمونية، وأقليات يعتنقون الديانة البوذية، والسيخ، والهندوس، وغيرها.
عدد المسلمين في أمريكا
وفقا لـ CAIR، لا يُوجد إحصاء علمي لعدد المسلمين في أمريكا، ومع ذلك فإن التقديرات الأكبر غالبًا ستكون دقيقة. وتؤكد الإحصائيات استمرار زيادة أعداد المسلمين في أمريكا، بالرغم من وجود ادعاءات وأعمال يرفضها الإسلام تهدف إلى تشويه صورة الإسلام، لكن هذا الأمر ليس له تأثير على دخول أعداد كبيرة من سكان أمريكا إلى الإسلام. بجانب تزايد أعداد المسلمين الأصليين.
تتفاوت تقديرات بعض المؤسسات والمنظمات حول عدد المسلمين في أمريكا. توم دبليو سميث، مؤلف كتاب “تقدير السكان المسلمين في الولايات المتحدة” قال أن من بين عشرين تقدير استعرضه خلال فترة خمس سنوات حتى عام 2001، لم يكن أيا منهم “على أساس علمي أو منهجية سليمة”. كل منها يمكن أن توصف بأنها تخمينات أو تأكيدات.
وفي عام 2005، أصبح عدد أكبر من الناس من البلدان ذات الأغلبية المسلمة من المقيمين الدائمين قانونيًا في الولايات المتحدة -ما يقرب من 96,000 شخص- عما كان هناك في أي سنة أخرى في العقدين الماضيين. في عام 2009 أكثر من 115,000 من المسلمين أصبحوا سكانًا قانونيين في الولايات المتحدة.
كذلك، وفقًا لتقديرات مركز بيو في عام 2017، هناك 3.45 مليون مسلم، ويمثلون حوالي 1.1% من مجموع سكان الولايات المتحدة.
في كانون الثاني/يناير 2018، توقع مركز بيو للأبحاث أنه بحلول عام 2040، سيحل المسلمون محل اليهود كثاني أكبر مجموعة دينية في الولايات المتحدة (بعد المسيحيين). بحلول عام 2050، من المتوقع أن يكون عدد السكان المسلمين في أمريكا ضعف عدد سنة 2017 من السكان المسلمين. استشهد مركز بيو بارتفاع معدلات الخصوبة بين المسلمين الأمريكيين وهجرة المسلمين إلى الولايات المتحدة كأهم أسباب النمو.
بناءً على دراسة تم إجراؤها عام 2020م، حيث يعتنق الديانة الإسلامية حوالي 0.9% من سكات أمريكا، أي أن هنالك حوالي 3.45 مليون مسلم يعيشون في أمريكا، ويمثلون حوالي 1.1% من مجموع سكان الولايات المتحدة الأمريكية، وهذا يعني أن عدد المسلمين في أمريكا لا بأس به، بالنسبة لعدد باقي الأفراد الذين يعتنقون الديانات الأخرى من يهودية ومسيحية وغيرها. فيما أكدت الإحصائيات أيضًا أن هناك حوالي 50% من المسلمين قد ولودوا في أمريكا، وهذا يدل على أن المسلمين المولودين في أمريكا تشكل نسبتهم أكثر من الأمريكين الأفارقة.
دخول الإسلام إلى أمريكا
أول ما ذكر عن دخول الإسلام لأمريكا أنه دخل في القرن السادس عشر. وكان أول مسلم هو إستفانكو من اذامورا وهو عبد مسلم بربري من شمال أفريقيا، جاء كمستكشف لمنطقتي أريزونا ونيو مكسيكو لصالح الامبراطورية الاسبانية تحت راية المستكشف الفاريز دي فاكا 1539.
ويمكننا القول من الثابت تاريخياً، أنّ الإسلام وصل إلى قارتي أمريكا الشمالية والجنوبية في وقت مبكر سابق على اكتشاف الأوربيين لها، حيث وصلهما الإسلام على يد مسلمي شمال وغرب أفريقيا والأندلس. وفي أمريكا الجنوبية تم العثور على آثار إفريقية مكتوبة على الصخور، وكذلك عثر على عملة عربية مضروبة في الأندلس عام 800 هـ.
أمّا أمريكا الشمالية فقد ارتبطت بالإسلام من بداية الكشف الأسباني لها على يد “كريستوفر كولمبس” حيث كان من بين الأسبان الأوائل المشاركين في رحلته بعض المسلمين. أمّا المرحلة الثانية من الوجود الإسلامي، فقد تمثّلت في وصول المسلمين الأفارقة الذين استقدمهم تُجار الرقيق من غرب أفريقيا، ثم كان الوجود الإسلامي الأكبر متمثلًا في المرحلة الثالثة، التي تمت فيها هجرة الجاليات الإسلامية في القرن التاسع عشر الميلادي؛ من تركيا، ولبنان، وفلسطين، وسوريا، وغيرها
توافدت أعداد كبيرة من المسلمين إلى أمريكا منذ زمن حروب الصليبين في بلاد العرب، وقد ازداد التواصل الإسلامي مع أمريكا أثناء الثورة الصناعية في العصر الحديث، كما فرضت أمريكا نفوذها وسيطرتها على بعض الدول العربية المسلمة، وهذا الأمر ساعد بشكل كبير على زيادة الاحتكاك بين المسلمين و الإنجليز، مما ساهم في اعتناق أعداد كبيرة منهم للدين الإسلامي.
وقد ساهمت هجرة المسلمين من الدول العربية إلى أمريكا، في زيادة تواجد المسلمون في هناك لعدة أغراض، ومن أهمها السفر للعمل أو الدراسة، ومن المعروف أنه بعد نهاية الحربين العالميتين الأولى والثانية زادت احتياج أمريكا إلى الأيادي العاملة وقد هاجر آلاف المسلمين إليها للعمل حيث وصل عددهم إلى 100 ألف مسلم تقريبًا.
أماكن تواجد المسلمين في أمريكا
يتوزع المسلمون في أماكن عديدة داخل أمريكا، ووفقًا لإحصائيات مركز بيو سوف نوضح أكثر 19 مكان لتواجد المسلمين في أمريكا ونسبة السكان الذين يحددون أنهم مسلمون حسب الترتيب التالي:
المرتبة | الدولة | النسبة |
1 | نيو جيرسي | 3% |
2 | أركنساس | 2% |
3 | مقاطعة كولومبيا | 2% |
4 | نيويورك | 2% |
5 | أريزونا | 1% |
6 | كاليفورنيا | 1% |
7 | كونيتيكت | 1% |
8 | ديلاوير | 1% |
9 | ايداهو | 1% |
10 | إلينوي | 1% |
11 | أيوا | 1% |
12 | كانساس | 1% |
13 | ماريلاند | 1% |
14 | ماساتشوستس | 1% |
15 | ميشيغان | 1% |
16 | مينيسوتا | 1% |
17 | شمال داكوتا | 1% |
18 | أوهايو | 1% |
19 | ولاية أوريغون | 1% |
أحوال المسلمين في أمريكا
إن أحوال جماعة المسلمين في أمريكا أفضل كثيرًا من حال الجاليات الإسلامية في بلدان أوروبا كافة، فمجتمعاتهم إما ممتازة وإما هي أماكن طيبة للحياة وكسب العيش.
ويقول 71% ممن شملتهم الدراسة في أمريكا إنهم قادرون على إحراز النجاح في الولايات المتحدة إذا ما عملوا. وتضاهي مستويات دخولهم ونسبة المتخرجين في الجامعات منهم، المتوسطات الوطنية العامة في أمريكا. كما أكدت الإحصائيات بأن 63% من المسلمين في أمريكا أنهم لا يجدون أي تضارب بين إخلاصهم لدينهم والحياة في مجتمع حديث.
ولكن، عندما ننظر إلى تاريخ المسلمين في أمريكا نجد أن هناك بعض التحديات التي واجهت المسلمين في أمريكا. ومن أهمها العنصرية، فإن الجالية المسلمة تعتبر أقلية في أمريكا وبالتالي ليس لديهم الحق في تدريس أمور الدين الإسلامي في المدارس الحكومية.
وكذلك يواجه المسلمون مشكلة الإرهاب والإسلاموفوبيا، بالإضافة إلى تشويه صورة الإسلام أمام العالم؛ للحد من انتشار الإسلام الذي شهد إنتشارًا واسعًا حول العالم، ومن التحديات أيضًا مشكلة تزاوج الرجال المسلمين من أديان غير مسلمة، والعنف ضد المسلمات ومعاملة النساء المحجبات بشكل سيء في بعض الأماكن العامة داخل أمريكا. وكذلك قلة عدد العلماء المتمكنين، لعدم وجود معاهد شرعية متخصصة، وليست فقط معاهد تعرف بالعلوم الشرعية بشكل عام.
حياة المسلمين في أمريكا
بالرغم من تزايد الإسلاموفوبيا في أمريكا واختلاف التعصبات المذهبية، إلا أن المسلمين في أمريكا يمارسون حياتهم بشكل عادي، حيث يلتحقون بأفضل المدارس والجامعات، كما يمكنهم العمل في مختلف المجالات الصناعة والتجارة وغيرها.
كما يحق للمسلمين المشاركة في الحياة السياسية، حيث تولى 15 مسلم منصب نائب بالمجلس البريطاني، ويحق للمسلمين في أمريكا الاحتفال بعيدي الفطر والأضحى، والذهاب إلى المساجد لأداء صلاة العيد، وكذلك الذهاب إلى المطاعم والمناطق السياحية.
ويعتبر الدين الإسلامي أكثر الأديان نموا في أمريكا، وبالنسبة إلى جنسيات المسلمين في أمريكا فإنهم باكستانيون وبريطانيون بنغاليون وهنود، بالإضافة إلى العرب والأكراد والأتراك والإيرانيين والأفارقة.
وقديمًا كان يُعد المسجد الأم لأمريكا، الذي كان يعرف سابقًا باسم The Rose of Fraternity Lodge والمعروف أيضًا باسم معبد المسلم (في مدينة سيدار رابيدز، ولاية آيوا – الولايات المتحدة) أقدم مسجد تم بناؤه من أجل المسلمين في أمريكا. وقد تم بناءه عام 1934م بواسطة مهاجرين عرب أغلبهم من سوريا ولبنان جلبوا معهم مصاحف القرآن الكريم وكتب للفقه وعلوم الدين من العصر العثماني.
ولكن في الواقع هناك مسجد آخر في مدينة روس بولاية داكوتا الشمالية، وهو الأقدم حيث يعد أول مسجد في أمريكا بتاريخ يعود لسنة 1929 على يد المهاجرين من اللبنانيين والسوريين، اللذين جاؤوا إلى سهول داكوتا الشمالية المنبسطة في السنوات الأولى من القرن العشرين بحثًا عن فرص عمل ومستقبل آخر.
وبعد ذلك إنتشرت المساجد في أمريكا بشكل ملحوظ، حيث وصل عددها إلى 2769 مسجدا في العام 2020. وأوضح التقرير الذي كتبه الباحث إحسان باجبي، بعنوان (المساجد الأمريكية في عام 2020: النمو والتطور) أن “عدد المساجد الآن ازداد بنسبة 31% عن عام 2010 الذي بلغ فيه عدد المساجد 2106 مسجدًا”.
وفي النهاية، إن البيئة هي مصدر ثقافة الفرد، فالفرد يسلك سلوك مجتمعه والمكان الذي يعيش فيه، ولكل مكان خصوصيته في التأثير على الأفراد. وإذا كنت متواجدًا في أمريكا وتعتنق ديانة الإسلام؛ فمن المهم جدًا أن تتعرف على أماكن تواجد المسلمين في أمريكا لتكوين صداقات جديدة، ولتجنب أي تعقيدات دينية.
المصادر: