آخر تحديث في 12 أكتوبر, 2021
أكثر من خمسة آلاف سجن ينتشر من شرق البلاد إلى مغربها، ضمن البلد الذي لطالما ادعى الحرية بشكل دائم واقتحم البلاد العربية باسم حرية الشعوب لنصرة مصالحه الاقتصادية والسياسية ضمن المنطقة، البلد الذي مازال حتى اليوم يطبق حكم الإعدام وبشكل يومي ضمن سجونه في ولايتين من ولاياته.
إنها الولايات المتحدة الأمريكية بلد الحريات والأصول المختلفة، البلد الذي يدير السجن الذي اعتبرته منظمة العفو الدولية الهمجية الوحيدة الموجودة في العصر الحديث وذلك لظلمه ومعاملته غير الأخلاقية لنزلائه، أنه “سجن غوانتانامو” الذي يقع خارج حدود الولايات المتحدة الأمريكية في خليج غوانتانامو جنوب شرق دولة كوبا. والذي احتجز ضمن أقفاصه منذ عام 2002 وحتى يومنا هذا العديد من الشبان العرب بداية من اليمني “معاذ حمزة العلوي” ومروراً بالسعودي “محمد مانع القحطاني” ووصولاً للمغربي “عبد اللطيف ناصر” الذين اتهموا بالإرهاب دون وجود أي دليل ملموس ضدهم.
وخلال هذا المقال سنتعرف على العديد من السجناء العرب ضمن الولايات المتحدة ومعرفة الأسباب التي أدت للحكم عليهم وسجنهم، لكن في البداية من معرفة حقيقة قد تكون صادمة للبعض.
سجونٌ تدر الأرباح على المستثمرين:
في إحصائية تم نشرها مع بداية عام 2021 وضحت بأن عدد سكان الولايات المتحدة الأمريكية قد تخطى 330 مليون نسمة أي ما يعادل %4.25 من عدد سكان العالم، إلا أن عدد السجناء في أمريكا قد فاق 2.3 مليون سجين أي ما يعادل أكثر من %20 من عدد السجناء في العالم، وفي عام 2016 أفاد مركز “برينان” للعدالة أن ما يصل إلى %40 من السجناء في أمريكا هم مظاليم ولا ينبغي حبسهم واعتقالهم، إلا أن الاقتصاد والأموال في أمريكا كانت أهم من حرية هؤلاء الشبان.
فتلك النسبة الكبيرة من السجناء كانت نتيجة القوانين القاسية والصارمة التي فرضتها الولايات المتحدة، الأمر الذي مكن الولايات المتحدة من جعل السجن والقضاء استثمار يدر عليها مليارات الدولارات سنوياً، وليتحول السجن لسلعة تديره نقود العديد من الشركات العملاقة كشركة أمازون ومايكروسوفت وجوجل حيث ثبت أن قيمة استثماراتها في السجون قد بلغت المليارات.
ويتجلى هذا الاستثمار بشكلين الأول من خلال اعتقال الأفراد وحبسهم بطلب من جهات حكومية أخرى مقابل دفع مبالغ نقدية لاحتجازهم، والثاني من خلال تشغيل السجناء ضمن أعمال تفرضها القطاعات الخاصة وذلك دون مقابل مادي قانوني ليتحول السجناء بهذه الحالة لعبيد تحركهم الأموال والاستثمارات، إضافة لدفع هذه الجهات مبالغ إضافية لتضيق الخناق بشكل أكبر وفرض القوانين الجديدة التي تسعى لرقي المجتمع الأمريكي بظاهر القول إلا أن الهدف الحقيقي منها استمرار تدفق الأيدي العاملة، ولكن أين العرب من كل ذلك؟
سجناء عرب مازالوا خلف القضبان في الولايات المتحدة:
إن واقع الأمة العربية الضعيف والمنهزم أمام الولايات المتحدة الأمريكية جعل من العرب لقمة سائغة لعتمة السجون الأمريكية، فمنهم من خرج دون ثبوت أي تهمة ضده ودون اعتذار عن المدة التي قضاها ظلماً ومنهم من مات في السجن، وفي كلتا الحالتين لم يتم تعويض أهاليهم أو الاعتذار منهم كاليمني “عدنان فرحان الشرعبي” الذي ادعت الولايات المتحدة انتحاره عام 2012 وكشفت التحقيقات عدم ثبوت أي تهمة ضده، والسعودي “عبد الرحمن العامري” الذي لم توضح السلطات الأمريكية سبب وفاته عام 2002.
لكن القضية الأشد قسوة كانت تجاه الأردني “إياد محمود نجم“ الذي حكمت عليه الولايات المتحدة الأمريكية بالسجن الانفرادي لمدة 240 عام وتم القبض عليه عام 1995 ضمن وطنه الذي تخلى عنه، فالمحزن بالأمر أن السلطات الأردنية هي التي قد سلمت “نجم” للسفارة الأمريكية في الأردن دون أي مقاومة أو مفاوضات وذلك لتورطه بحسب زعم السلطات الأمريكية بعملية قرصنة إرهابية ولكن دون أي دليل مثبت.
ستة وعشرون عاماً قد مضت و”إياد نجم” قابع ضمن السجن الانفرادي في ولاية فلورانس كولورادو دون أي دليل مثبت يدينه، إضافة لمنعه من أي وسيلة تواصل أو إعلام وذلك لأن المادة 28 من القانون الفيدرالي قد شملته، يضاف لكل ذلك تعرضه لتعذيب نفسي وسوء في المعاملة دون أي رد على مطالبات ذوي “نجم”.
إن المادة 28 من القانون الفيدرالي تعامل المتهمين بكونهم خطر على المجتمع والقومية الأمريكية، الأمر الذي يجرد الإنسان من أبسط حقوقه كالتواصل مع ذويه ومنعه من استخدام أي وسيلة تقنية أو وسيلة تواصل والأسوأ من ذلك قضائه مدة الحكم ضمن السجن الانفرادي.
ومن الأردن إلى المملكة العربية السعودية التي فقدت العديد من شبابها ضمن سجون الولايات المتحدة الأمريكية، فمنهم من اتهم بانتسابه لتنظيم القاعدة الإرهابي دون ثبوت أي دليل ضده ومنهم من كان السجن أفضل عقاب لهم.
إلا أن الشاب “نايف اليوسف” كان ممن اعتقل وحكم عليه بالمؤبد دون أي ذنب أو جرم، ففي عام 2000 سافر الشاب السعودي لإكمال دراسته ضمن الولايات المتحدة، وشاءت الأقدار أن يتشارك المسكن مع مجموعة من الشبان الأراذل، ففي عام 2001 أقدم شركائه في الغرفة على قتل الطالب “عبد العزيز الكوهجي” بهدف سرقة أمواله وتم رمي الجثة في مكب النفايات، وما كان من القتلة إلا أن هددوا “اليوسف” بالقتل إن أخبر الشرطة.
ولعدم وجود جريمة كاملة كشفت الشرطة عما حصل ليتم اعتقال الشبان ومن بينهم “نايف اليوسف” ليتم الحكم عليهم بالسجن المؤبد الأمر الذي أثار ضجة كبيرة ضمن المملكة وذلك لبراءة “نايف اليوسف” من التهمة، ولكن وللأسف مازال “نايف اليوسف” إلى يومنا هذا داخل وحشة السجن المؤبد في أمريكا ليكون أقدم سجين سعودي في أمريكا.
ومن “نايف اليوسف” إلى ابن بلده “حميدان التركي” الذي حكم عليه بالسجن لمدة 28 عاماً من قِبل محكمة كولورادو الأمريكية عام 2006 وذلك لاتهامه باختطاف فتاة أندونيسية وإجبارها على العمل لديه دون دفع أجورها إضافة لاعتدائه عليها جنسياً وحجزها بقبو المنزل الغير صالح للحياة البشرية، إلا أن “التركي” قد نفى كل الإدعاءات التي وجهت إليه وصرح بأن ما يجري ما هو إلا مؤامرة من قبل الحكومة الأمريكية، ليتم عام 2011 تخفيف الحكم عليه وذلك لحسن سلوكه خلال فترة الحجز لتصبح مدة حبسه 8 سنوات فقط.
وبالرغم من الظلم الذي طال “نجم” و”اليوسف” و”التركي” إلا أن الحقيقة ليس كل السجناء العرب ضمن الولايات المتحدة غير مذنبين، ففي عام 2013 تم الحكم على الرقيب في سلاح الجو السعودي “مازن العتيبي” بالسجن لمدة 35 عاماً على خلفية اغتصابه لطفل أمريكي في 13 من عمره في فندق بمدينة لاس فيغاس الأمريكية، وقد كان “العتيبي” يبلغ من العمر حينها 25 عاماً، وطوال المحاكمة لم ينطق المتهم بأي كلمة ولم يدلي بأي تصريح ينفي فعلته الأمر الذي يثبت جريمته.
وبالرغم من كون الكويت بلد السلام والأمان والساعي الدائم للصلح بين الأخوة العرب والدول قاطبة إلا أن أبنائها لم يسلموا من القضاء الأمريكي ففي عام 2016 تم اعتقال العديد من الشبان الكويتيين ضمن الولايات المتحدة، منهم الطالب الذي يدرس ضمن جامعاتها ومنهم السائح، وبحسب تصريح السفارة الكويتية بأن عمليات الاعتقال التي طالت الكويتيين على أراضي الولايات المتحدة كانت لسبب واحد فقط وهو جهلهم بالقوانين الناظمة لهذا البلد ولم يثبت أي انحراف أو تجاوز أخلاقي على أي منهم، وقد تم اعتقال البعض لاحتواء أجهزتهم الذكية على صور ومقاطع فيديو تخل في الآداب، فأي آداب هذه في البلد الأكثر تحرراً وتفلتاً في العالم!؟
وبالرغم من نزاهة القضاء الأمريكي بحسب إدعائهم إلا أن العديد من الأمور والأجندات تحكم قراره فكيف لشبان يجهلون قوانين البلد أن يتم اعتقالهم والبعض تم ترحيله ومنعه من دخول البلاد ثانيةً؟
وعلينا ألا ننسى بأن البلد الذي يدعي الحريات يُعدم ضمن سجون مدينة تكساس في كل يوم أكثر من 10 أشخاص بتهم مختلفة، في حين أن البلاد التي تم اعتقال شبابها كسعودية والكويت تنعم اليوم بالأمن والأمان وتسعى دائم لنشر السلام لا في المنطقة فقط وإنما مع أي دولة من بقاع الأرض.
مصادر: