الحياة في أمريكا

كرة السلة الأمريكية .. سلسة من الانتصارات من النشأة حتى الأولمبياد

كرة السلة الأمريكية

ليس غريبًا على أحد منا سيطرة فريق السلة الأمريكي وهيمنته على العديد من الإنجازات والألقاب العالمية، فمن الأراضي الأمريكية خرجت رياضة كرة السلة إلى النور، ومنذ ذلك الوقت شرب الشعب الأمريكي حبه لتلك اللعبة وزاد شغفه بها، ولم يكتفي الأمريكيون بذلك فقط بل سيطرت فرق السلة الأمريكية على كل شيء تقريبًا في تاريخ تلك اللعبة.

تاريخ نشأة كرة السلة الأمريكية

تاريخ نشأة كرة السلة الأمريكية

 بدأ كل شيء في عام 1890م حيث طلب بعض المدراء الرياضيين خلال مؤتمر رياضي من الدكتور جيمس نايسميث أن يبتكر رياضة جديدة، فقد كانوا يبحثون عن رياضة داخلية تجذب الطلاب كي تساهم في حل مشاكل الحضور في حصص الرياضة.

كانت فكرة نايسميث كالآتي: ستكون اللعبة عبارة عن رفع كرة ما إلى أعلى حتى تدخل إلى الهدف والذي اختار أن يكون عبارة عن سلة – ذُكر في ملاحظاته المكتشفة لاحقًا أن فكرة السلة أتت له من خلال سلة من الخوخ كانت موضوعة أمامه-، وتكون تلك السلة على ارتفاع 10 أقدام فوق الملعب.

أما عن قوانين تلك اللعبة الجديدة لم يشأ نايسميث أن تكون لعبته مثل كرة القدم الأمريكية ولكنه أراد أن تكون كرة السلة الأمريكية تلك أقل خشونة، إذ يلتزم اللاعبون بعدم المقاتلة وقد كان المفهوم الأساسي لتلك الرياضة الجديدة آنذاك أنها رياضة اللا تلامس.

ذكرت ملاحظات نايسميث أن تلك الفكرة بخصوص كرة السلة جاءت من لعبة طفولته القديمة و التي كانت تُدعى باسم Duck on a Rock، ولم تذكر تلك الملاحظات عن وجود حجم محدد لملعب كرة السلة، ولتبدأ قصة عظيمة يسطرها الأمريكيون في تلك اللعبة الجديدة.

انتشار كرة السلة الأمريكية

كرة السلة الأمريكية

حدثت أول مباراة مسجلة لكرة السلة الأمريكية في التاريخ بين فريقين جامعيين في التاسع من فبراير عام 1895، إذ واجه فريق جامعة هاملين فريق جامعة مينيسوتا، وانتهت المباراة بانتصار فريق جامعة مينيسوتا بنتيجة 9 مقابل 3 أهداف فقط للفريق الخصم.

بحلول عام 1897 بدأ اتحاد الرياضيين الهواة في الولايات المتحدة (ِAAU) تولى مسؤولية الإشراف علة كرة السلة الأمريكية، وفي أبريل من عام 1905 تولى ممثلي خمسة عشر كلية بشكل منفصل السيطرة على تلك اللعبة الجديدة، وأنشأوا ما يُعرف باسم (لجنة حكم كرة السلة)، وبدأت بطولة  NCAA الشهيرة لكرة السلة للرجال خلال عام 1939م كأول دورة لها.

طريق كرة السلة نحو الأولمبياد

بدأت تلك الرياضة في الانتشار حتى بدأ يُذاع صيتها في كل مكان وبدأت تلفت أنظار الكثيرين من محبي الرياضيات التنافسية، وفي عام 1904 بدأ دخول لعبة كرة السلة في بطولة الألعاب الأوليمبية في سانت لويس، ولكن لم تكن لعبتنا في ذلك الوقت لعبة بحث عن ميدالية بل كان اللعب صوريًا فقط بدون أية ميداليات.

خلال عام 1936 وفي نفس الدورة التي افتتحها الزعيم النازي أدولف هتلر، وجدت كرة السلة أخيرًا ضلتها وأصبحت رسميًا لعبة ذات الثلاث ميداليات كباقي الألعاب الأوليمبية، وبعدها بفترة خلال عام 1976 ظهرت كرة السلة للسيدات بالأولمبياد والتي أُقيمت في ميونخ وقتها.

فرق كرة السلة الأمريكية في الأولمبياد

كرة السلة الأمريكية في الأولمبياد

لا جديد نذكره هنا ففريق كرة السلة الأمريكي هو أكثر الفرق نجاحًا في لعبة كرة السلة في تاريخ الأولمبياد، فاز فريق السلة الأمريكي بخمسة عشر ميدالية ذهبية في الأولمبياد والتي تتضمن سلسلة متتالية من عدم الهزيمة من 1936م إلى 1968م، فقد بدأ القطار رحلته و لم يستطع أحد الصمود أمامه.

أما عن فريق السلة الأمريكي للسيدات فلا يختلف عن الرجال شيئًا فكلاهما أسياد اللعبة، إذ حصل فريق السلة الأمريكي للسيدات على ثماني ميداليات ذهبية، بالإضافة إلى طريق خالي من الهزائم تمامًا منذ أولمبياد أتلانتا لعام 1996م.

 خلال عام 1948م وفي نهائي دورة الألعاب الأولمبية المقامة في لندن انتزع أبطال كرة السلة الأمريكية الانتصار من الفرنسيين وانتصروا على أحفاد نابليون بنتيجة ساحقة 65 مقابل 21 هدف فقط للفريق الفرنسي، وظل القطار الأمريكي بحصد الميداليات والاحتفاظ باللقب في دورات أعوام 1952 و1956 و1960 و1940.

في تلك الفترة كان فريق الاتحاد السوفيتي هو المنافس الأشرس للأمريكان، وفاز الفريق السوفيتي ببطولة كرة السلة الأوروبية عشر مرات في فترة ما بين 1951م إلى 1971م، وعندما بدأت أولمبياد عام 1972م والمقامة في ميونخ كان كل تركيزهم منصب نحو الظفر باللقب المفقود من خزانتهم.

عند بدأت أولمبياد ميونخ 1972م وكالعادة كان الأمريكيون هم المرشحون الأبرز لحصد الميدالية الذهبية، ولكن كان للمباراة بُعدًا دراميًا لم يكن في صالح الأمريكيين في النهاية.

كان فريق السلة الأمريكي المشارك في الأولمبياد في تلك الدورة منها من الشباب الجامعيين، حيث اقتصرت الأولمبياد على الهواة و تم استبعاد اللاعبين المحترفين من الفريق، وقد تناقلت بعض الأقاويل أن السوفيت قاموا بإشراك محترفين ولكن تم إدراجهم في البطولة على أنهم في الأصل عمال ومجندين.

طارد نقص الخبرة لاعبي الفريق الأمريكي طوال المباراة، واستغل الفريق السوفيتي الفرصة وسيطر على الكرة لفترات طويلة واستخدموا طول ملعب المباراة في سحب دفاع الفريق الأمريكي وبدأوا بتسجيل الأهداف، وتفوقوا على الفريق الأمريكي حتى نهاية الشوط الأول بنتيجة 26 مقابل 21 للفريق الأمريكي.

بدأ الفريق الأمريكي بالضغط على الفريق السوفيتي في الست دقائق الأخيرة إلى أن استطاع تقليص الفارق بين الفريقين إلى نقطة واحدة فقط وفي الست الثواني الأخيرة وفي ملحمة درامية حصل الفريق على رميتين حرتين و تم التسجيل وبدأ الفريق الأمريكي في الاحتفال، ولكن لم تنتهي تلك الليلة الدرامية بعد.

 طلب رئيس الاتحاد الدولي لكرة السلة من اللجنة بإعادة الثلاث الثواني الأخيرة وليتضح وجود خطأ تحكيمي على حساب الفريق الأمريكي وتُعلن هزيمة بطل اللعبة أمام السوفيت وتنساب الميدالية الذهبية من بين الأيادي الأمريكية في تلك الدورة.

كرة السلة الأمريكية للسيدات في الأولمبياد

كرة السلة الأمريكية للسيدات

كما أسلفنا الذكر بنجاح الفريق النسائي الأمريكي لكرة السلة في تحقيق الإنجازات كما نجح نظيره فريق الرجال، وتمتلئ قصص فريق السيدات بالحكايات أيضًا، ففريق السلة الأمريكي للسيدات هو أنجح الفرق في الأولمبياد بثمانية ألقاب.

كالعادة وكأنها سُنة كونية فكان المنافس الأشرس للفريق النسائي الأمريكي هو الفريق النسائي السوفيتي، ولكن حربنا الباردة هنا انتصر فيها السوفيت، فقد كان الفريق النسائي السوفيتي أول من يفوز بالميدالية الذهبية في كرة السلة للسيدات في أولمبياد عام 1976م وبعد أن فاز على غريمه الفريق الأمريكي.

بعد هزيمة الفريق الأمريكي من السوفيت، بدأت صحوة روح السلة الأمريكية في العودة إلى الأمريكيين واستطاع الفريق النسائي بإحراز اللقب في الأولمبياد التالية المقامة على الأراضي الأمريكية، ولم يكتفي القطار الأمريكي بذاك فقط بل وأحرز الذهبية في الدورتين التاليتين، ومنذ عام 1996م حتى الآن فاز الأمريكيون بكل نسخ الأولمبياد.

 يمتلئ تاريخ كرة السلة الأمريكية بالكثير من القصص والحكايات التي لا تخلو من الإنجازات والألقاب، وصارت هيمنة أبناء الولايات المتحدة على تلك اللعبة عادة لا يتفاجأ بها أحد، ومع مرور الأيام صارت تلك اللعبة التي سيطر الأمريكيون عليها من كل حدب وصوب ثاني أكبر رياضة شعبية في العالم، ويستمر القطار الأمريكي في مسيرته نحو القمة ولا يجرؤ على إيقافه أحد.

شارك المقال مع أصدقائك!